للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خرج إليها- عليه السلام- يوم الخميس في رجب «١» ، واستعمل على المدينة «محمد ابن مسلمة الأنصاري» ، على ما قال ابن هشام «٢» .

وكان- عليه السلام- قلما خرج في غزوة إلا ورى عنها بغيرها، إلا ما كان من غزوة «تبوك» ، فإنه بينها للناس، وأخبر أنه يريد/ غزو الروم؛ لبعد الشقة، وشدة الزمان؛ ليتهيأوا لذلك، وكان الناس لا قوت لهم، فحض أهل الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله، فحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا «٣» ، وأرسل- عليه السلام- إلى أهل مكة [فأشعرهم «٤» ] ، وعسكر على ثنية الوداع «٥» ، ثم مضى ولم


- رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا تشربوا من مائها شيئا، ولا تتوضئوا منه للصلاة، وما من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئا، ولا يخرجن أحد منكم الليلة، إلا ومعه صاحب له» ففعل الناس ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلا أن رجلين من «بني ساعدة» خرج أحدهما لحاجته، وخرج الأخر في طلب بعير له، فأما الذي ذهب لحاجته؛ فإنه خنق على مذهبه، وأما الذي ذهب في طلب بعيره فاحتمله الريح حتى طرحته ب «جبل طيئ» ؛ فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: «ألم أنهكم أن يخرج أحد منكم إلا ومعه صاحبه» . ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلّم للذي أصيب على مذهبه فشفي، وأما الاخر الذي وقع ب «جبل طيئ» فإن «طيئا» أهدته لرسول الله صلى الله عليه وسلّم حين قدم المدينة ... » . وقال ابن هشام: بلغني، عن الزهري؛ أنه قال: «لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلّم ب «الحجر» سجى ثوبه على وجهه، واستحث راحلته، ثم قال: «لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا إلا وأنتم باكون؛ خوفا أن يصيبكم مثل ما أصابهم» ... اه: السيرة النبوية.
(١) حول خروجه صلى الله عليه وسلّم في رجب انظر ما ذكرناه سابقا تحت رقم: (١) - وقت الغزوة-.
(٢) قول ابن هشام واستعمل على المدينة «محمد بن مسلمة الأنصاري» مذكور في «السيرة النبوية» ٤/ ١٧٥. وفي نفس المصدر من «السيرة النبوية» ذكر «عبد العزيز بن محمد الراوردي» عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم استعمل على المدينة، مخرجه إلى «تبوك» «سباع بن عرفطة» .
(٣) عن حض أهل الغنى على النفقة ... إلخ. قال ابن هشام في «السيرة النبوية» ٤/ ١٧٤: قال ابن إسحاق: «ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم جد في سيره، وأمر الناس بالجهاز والانكماش، وحض أهل الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله، فحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا، وانفق «عثمان بن عفان» - رضي الله عنه- في ذلك نفقة عظيمة، لم ينفق أحد مثلها قال ابن هشام: ... إن «عثمان بن عفان أنفق في جيش العسرة، في غزوة «تبوك» ألف دينار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «اللهم أرض عن عثمان؛ فإني عنه راض ... إلخ» اه: السيرة النبوية.
(٤) ما بين القوسين المعكوفين كلمة لم أستطع قراءتها، وما أثبتناه يقتضيه المقام. و «الإشعار» - يعني الإعلام والإخبار-. قال صاحب القاموس: «وأشعره الأمر، وبه أعلمه» اه: القاموس.
(٥) عن إقامة معسكره صلى الله عليه وسلّم على «ثنية الوداع» انظر: «السيرة النبوية» لابن هشام ٤/ ١٧٥.

<<  <   >  >>