للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصورةٌ أخرى لا تغيب عن مخيلتي أبداً أذكرها منذ ما يزيد عن ثلاثين عاماً، صورة رجل كبير السن يسير في الطرقات، ينام تحت الأشجار ويأوي في الشتاء لبيت مهجور، أشعث الشعر، يلبس من الثياب الممزق والمرقع والمتسخ، ينظر في وجوه الناس ولا يكلم أحد، يتبعه الصبيان ثم إذا نظر هاب منظرُه كل الصغار.

سألت والدي -رحمه الله - من هذا؟

فقال الوالد -رحمه الله-: هذا عالم من علماء الأمَّه وأعيانها، أمضى حياته يقرأ ويقرأ وكان خطيباً ومدرساً في أكبر المساجد يقول الناس أنه جُنَّ بسبب كثرة علمه ولكثرة ما قرأ.

كنت أخاف منه قبل هذا البيان ثم صرت أنظر إليه كثيراً، أحدِّق في عينه فيرتد إليَّ نظري حاملا أعذب الدموع وأصدقها.

وفي وسط عمان كنا نشاهد رجلاً أشعث الشعر حالته رثه يبيت على جنبات الطرقات لكن لا يفارقه ويدخل إلى المكتبات فيعطيه أصحابها كتاباً أو كتابين فيقرأ ويقرأ .........

<<  <   >  >>