للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولاً: الدين والشرع لا يأتي بالمحال، قد يأتي بما تحتار فيه العقول، لكن لا يأتي بالمحالات، فالعقل الصريح لا يمكن أن يناقض النقل الصحيح، والمقصود بالعقل العقل الباقي على فطرته، أما العقول التي لعبت بها الأهواء واجتالتها الشياطين، هذا لا عبرة بها، لا عبرة بها، المعول على العقل الباقي على فطرته، ولشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- كتاب اسمه: (درء تعارض العقل والنقل) من أبدع ما كتب في الباب، كتاب كبير، يعني في عشرة مجلدات، الكتاب عظيم جداً، لكن الإشكال في الكتاب أن المتوسط بل الكبار من طلاب العلم قد لا يفهم جملة كبيرة من الكتاب، يعني مستوى الكتاب غاية في الدقة والصعوبة، لذا يقول ابن القيم -رحمه الله-:

واقرأ كتاب العقل والنقل الذي ... ما في الوجود له نظير ثانِ

الكتاب عظيم، لكن متوسط الطلاب لا يقرأ فيه؛ لأنه لا يستفيد إلا الشيء اليسير، ونعرف من العلماء الكبار المتمكنين من قرئ عليهم في هذا الكتاب، ويقول: اترك، اترك، يعني امش، الصفحات العشر العشرين صفحة كلها كأنها طلاسم لدى طلاب العلم المعاصرين، ورده على الرافضي في المجلد الأول ما يقرب من ثلاثمائة صفحة من هذا النوع، وفي المجلد السادس كذلك، يعني قراءتها عبث بالنسبة لكثير من طلاب العلم، بعض الطلاب من الصغار يسمع كلام ابن القيم ومدح (درء تعارض العقل والنقل) ثم يقرأ فيه، ثم بعد ذلك يترك القراءة بالكلية؛ لأنه يحكم على نفسه بالفشل التام، وهذه الإشكال في عدم التدرج في القراءة، فلا يتطاول طالب العلم على مثل هذه الكتب كما يسمع ثناء ابن كثير وإطراء ابن كثير لعلل الدارقطني ثم يذهب يقرأ في علل الدارقطني، ثم بعد ذلك يترك القراءة، لا، على طالب العلم أن يعرف قدر نفسه، هناك كتب للمبتدئين، كتب للمتوسطين، كتب للمتقدمين والمنتهين، فالذي جرنا إلى هذا أن العقل قد لا يدرك جميع ما جاء به الشرع، وإن كان لا يأتي الشرع بالمحال، قد يأتي بمحارات العقول، لكنه لا يأتي بمحال.

يقول: ما منهج طلبة العلم فيمن ركب شاذ الفتوى؟

<<  <  ج: ص:  >  >>