{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [(٢٠) سورة ق] "للبعث"{ذَلِكَ}"يوم النفخ"{يَوْمُ الْوَعِيد}"للكفار بالعذاب"{وَجَاءتْ} [(٢١) سورة ق] "فيه" يعني في هذا اليوم {كُلُّ نَفْسٍ} [(٢١) سورة ق] "إلى المحشر" موضع الحشر الذي يحشر فيه الناس، {مَّعَهَا سَائِقٌ} [(٢١) سورة ق] معها "ملك يسوقها إليه"{وَشَهِيدٌ} [(٢١) سورة ق] "يشهد عليها" وشهيد: "يشهد عليها بعملها" يقول: "وهو الأيدي والأرجل وغيرها" الشاهد يحتمل أن يكون الملك أو الملكان اللذان وكلا به في حال حياته يكتبان ما يعمل وما ينطق به يشهدان عليه، ويحتمل ما ذكره من الأيدي والأرجل وغيرها، والمواضع التي عبد الله فيها تشهد له، {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ} [(٦٥) سورة يس] اليد تتكلم تنافح وتدافع باعتبار أنها كالجزء من الإنسان؛ لقربها من قلبه، وأما الرجل فكأنها بعيدة عنه كما قال بعض أهل العلم فاليد تتكلم والرجل تشهد، فتشهد عليه، وإذا أعطي المخالف كتابه بشماله ونظر فيه قال: لا أقبل إلا شاهداً من نفسي، هؤلاء زادوا علي، لا بد من شاهد علي من نفسي، فتنطق الأيدي، وتشهد الأرجل، ويقول: بعداً بعداً، سحقاً سحقاً، كنت عنكن أنافس وأنافح، وهذا من باب قيام الحجة، والله -جل وعلا- عالم بما يعملون، وعالم بما تؤول إليه أمورهم، وليس بحاجة إلى من يشهد، لكنه من باب إقامة الحجة، ولذا يقول أهل العلم: أن القاضي لا يحكم بعلمه، بل لا بد من المقدمات الشرعية، قاضي يعلم من فلان من الناس أنه يشرب الخمر؛ لأنه من جيرانه، ومطلع على أحواله، لا يقضي عليه القاضي ويحكم عليه بالجلد بعلمه، لا بد أن يشهد عليه ببينة أو يعترف، فالقاضي لا يحكم بعلمه، وهذا أمر مقرر معروف، وإن كان بعض قدماء القضاة يحكمون بالعلم كشريح القاضي والله -جل وعلا- يعلم السر وأخفى، يعلم ما تكنه الضمائر، ويعلم ما تخونه الأبصار، لكنه من باب قطع الحجة أتي بالصحف ووضعت في الميزان، وشهد على الإنسان أقرب الناس إليه وهو أبعاضه وأجزاؤه، "ويقال للكافر" يقول المؤلف: "ويقال للكافر: {لَقَدْ كُنتَ} [(٢٢) سورة ق] "في الدنيا" -لقد كنت يعني فيما مضى في الدنيا-