للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يسألون النبي -صلى الله عليه وسلم- سؤال مجرد سؤال للفائدة {يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} [(١٢) سورة الذاريات] ليس بسؤال إفادة، وإنما هو سؤال استهزاء، ومتى هذا اليوم الذي تذكر؟ متى؟ سؤال استفهام واستهزاء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- واستبعاد لهذا اليوم، واستحالة في نظرهم لوقوع هذا اليوم {أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} [(١٢) سورة الذاريات] أي متى؟ متى يوم الدين الذي تذكر؟ إن كان لنا شيء يا الله الآن، {أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} [(١٢) سورة الذاريات] "أي متى مجيئه؟ " حدد لنا إن كنت صادق؟ لكن هذا اليوم أخفاه الله -جل وعلا- عن جميع المخلوقات، عن كل أحد سواه، حتى أنه كاد أن يخفيه على نفسه {أَكَادُ أُخْفِيهَا} [(١٥) سورة طه] يعني حتى عن نفسي، وهذه الأمور التي قطع الشرع بعدم وقوعها لا تدخل تحت امتحان ولا تحت مطالبة، لا يقول: والله أيان يوم الدين؟ ما أجاب، إذن كيف نسأله ولا يجيب؟ لماذا؟ إذن كيف نسلم؟ نعم، يعني هل عدم إجابته -عليه الصلاة والسلام- مبرر لعدم استجابتهم لدعوته؟ ليس بمبرر؛ لأن مثل هذا لا يدخل تحت القدرة ((ما المسئول عنها بأعلم من السائل)) يسألون النبي -عليه الصلاة والسلام- استفهام استهزاء {أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} [(١٢) سورة الذاريات] "أي متى مجيئه؟ " وجوابهم: يجيء" {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [(١٣) سورة الذاريات] أي يعذبون فيها، هم يسألون عن الساعة التي ذكرها النبي -عليه الصلاة والسلام-، يسألون عن البعث الذي أنكروه، وهنا قال: "جوابهم: يجيء" {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [(١٣) سورة الذاريات] " يعني هل هذا جواب أو هذا من باب أسلوب الحكيم؟ وهو إجابة السائل بغير ما سأل عنه مما هو أنفع له، يعني لو قيل أيان يوم الدين؟ قيل: سنة ألف وخمسمائة مثلاً، هل هذا أنفع لهؤلاء وأبلغ في الموعظة أو قوله: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [(١٣) سورة الذاريات]؟ لا شك أن ما أجيبوا به أنفع لهم وأبلغ في موعظتهم إن كان في قلوبهم شيء من الوازع، شيء من الحياة، لا شك أن هذا في غاية البلاغ والإبلاغ والتبليغ، {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [(١٣) سورة

<<  <  ج: ص:  >  >>