{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ} [(٥٤) سورة الذاريات] عليك أن تؤدي ما عليك، أنت مأمور ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)) لا تقول: والله هاذول بيهددون وبيضربون، لكن أنت عليك أيضاً أن تسلك المسلك الذي يحقق المصلحة، ولا تعرض نفسك لما يترتب عليه مفسدة، لا، أنت ما أنت مأمور بهذا، أنت مأمور أن تغير، ولذلك جعلت مراتب، تستطيع تغير باليد عليك أن تغير باليد، لا تستطيع باللسان، لا تستطيع بالقلب، أما أن تقول: والله هذا أمر لا يهمني، ولا أنا مكلف ولا شيء، لا، لكن لو قيل لك وأنت تأمر وأنت تنهى: والله مسكين هذا يدخل نفسه فيما لا يخصه، ويعرض نفسه لكلام الناس ولأذى الناس، نقول: تول عنهم، هؤلاء الذين يتكلمون أنت عليك بذل السبب، يعني سواءً ترتب عليه نتيجة، ارتفع المنكر، اهتدى هذا الضال الذي تدعوه إلى الله -جل وعلا-، أو لم يهتد الأجر مرتب على مجرد بذل السبب
{فَتَوَلَّ} [(٥٤) سورة الذاريات] أي أعرض عنهم {فَمَا أَنتَ بِمَلُوم} لأنك بلغت الرسالة، وأديت ما عليك {مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ} [(٩٩) سورة المائدة] {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [(٥٦) سورة القصص] يعني النتائج بيد الله -جل وعلا-، أما بذل السبب فلا بد منه، لا بد منه، ولا أحد يعفى من بذل السبب، كل على حسب قدرته واستطاعته.