{وَذَكِّرْ} [(٥٥) سورة الذاريات] يعني عظ بالقرآن، كما جاء في آخر سورة (ق){فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [(٤٥) سورة ق] عظهم بالقرآن، وكم يتأثر الإنسان إذا سمع القرآن بصوت مؤثر من شخص مخلص في قراءته، تجده يتأثر تأثر بالغ، هذا إذا كان فيه شيء من حياة، والقرآن مؤثر، مؤثر يعني جبير بن مطعم سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ سورة الطور كاد قلبه أن يطير وهو كافر مشرك ما أسلم، فالقرآن مؤثر إلا إذا كانت القلوب أقسى من الحجارة {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [(٢١) سورة الحشر] وكما يقال: الجبل ما ألين لأحد، الحجارة ما ألينت لأحد، بينما الحديد ألين لداود، ومع ذلك الحجر الذي ما ألين لأحد يلين للقرآن، وجدته خاشعاً، لكن أكثر القلوب فيما نعيشه ونعايشه أشد من الحجارة، {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [(٤٥) سورة ق] ما هو بكل الناس يتذكرون بالقرآن {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ} [(٥٤) سورة الذاريات] لأنك بلغت الرسالة، الرسول -عليه الصلاة والسلام- وجد في نفسه وكذلك الصحابة أن المسألة انتهت، بلغت الرسالة وانتهيت، فما بقي إلا العذاب كما حصل للأمم السابقة، جاء بعد ذلك قوله:{وَذَكِّرْ} [(٥٥) سورة الذاريات] يعني عظ بالقرآن {فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [(٥٥) سورة الذاريات] من علم الله تعالى أنه يؤمن، عرف بهذا أن المسألة ما انتهت، تابع التذكير، تابع التذكير، {فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [(٥٥) سورة الذاريات] لأنهم هم الذين ينتفعون بها، سواءً كان منهم من آمن بالفعل أو من كان مآله إلى الإيمان، مثل جبير بن مطعم كافر، النصارى إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع، تفيض من الدمع، يعرفون الحق، يعرفون شيء من الحق، وكثير من المسلمين يعني عهدنا كبار السن وفيهم الصلاح الظاهر إذا قرأ عليهم الإمام بكوا، ثم مازال هذا الأمر ينقص حتى فقدناه بالكلية، الآن تجد القارئ يقرأ القرآن من أوله إلى آخره نادر الذي يتأثر.