{وَذَكِّرْ} [(٥٥) سورة الذاريات] يعني "عظ بالقرآن"{فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [(٥٥) سورة الذاريات] "من علم الله تعالى أنه يؤمن" من علم الله أنه مؤمن بالفعل تنفعه الذكرى، من علم الله -جل وعلا- أنه يؤمن أيضاً تنفعه الذكرى.
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(٥٦) سورة الذاريات] هذا هو الهدف الإلهي من وجود أو من إيجاد الجن والإنس، إنما هو تحقيق العبودية لله -جل وعلا-، الهدف تحقيق العبودية لله -جل وعلا-، ولما كان الأمر كذلك خشي على بعض الناس أنه ينقطع لهذا الأمر فقيل له:{وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(٧٧) سورة القصص] لأن أمور الآخرة لا تقوم إلا بشيء من أمور الدنيا، أمور الآخرة لا تقوم إلا بشيء من أمور الدنيا؛ لأن الإنسان ركب من أبعاض تحتاج إلى أكل وإلى شرب وإلى بقاء النوع الإنساني يحتاج إلى نكاح، أمور الناس لا يمكن أن تتحقق أو يحققها الإنسان بمفرده فاحتاج إلى غيره، فقيل له: لا تنس نصيبك من الدنيا؛ لأن المسلم إذا سمع مثل هذا الكلام {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(٥٦) سورة الذاريات] يمكن أن ينقطع للعبادة ويترك أمور الدنيا، لكن هذا ليس بمنهج شرعي، قد يوجد للإنسان من يكفيه أمر الدنيا من والد أو ولد أو ما أشبه ذلك، لكن إذا لم يوجد لا بد أن يتسبب، فلا تنس نصبيك من الدنيا، ومع الأسف الشديد أننا نعيش بين أناس جلهم لا يقال: كلهم بحاجة إلى أن يقال له: لا تنس نصيبك من الآخرة، يعني انهمك في أمر الدنيا بكليته، انصرف إلى أمر الدنيا، وإذا أدى شيئاً من أمر الآخرة تجده بدن بلا روح، جسد بلا روح، يزاول هذه العبادات لمجرد أنه أمر بها ويريد أن يتخلص منها، فلا يتلذذ بها.