{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(٥٦) سورة الذاريات] هذا الهدف الشرعي من خلق الجن والإنس، الله -جل وعلا- خلقهم لهذا، يعني في قضائه الشرعي في قضائه الشرعي، خلقهم للعبادة لكن في قضائه الكوني يعني ألا يوجد من خرج عما خلق له؟ نعم، أمروا بالصلاة ما صلوا، أمورا بالزكاة ما زكوا، هل نقول: إن الله -جل وعلا- قدر عليهم أن يصلوا وما صلوا؟ لا، إنما أمرهم بذلك وقدره السابق من الشقاوة والسعادة نافذ لا مرد له، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(٥٦) سورة الذاريات] ولا ينافي ذلك عدم عبادة الكافرين، عدم عبادة الكافرين؛ لأن الغاية لا يلزم وجودها، الغاية لا يلزم وجودها كما في قولك: بريت هذا القلم لأكتب به، فإنك قد لا تكتب به، نعم في حق المخلوق هذا ظاهر، قد يقدر شيء وفي تقديره أنه يستعمل هذا القلم يشتريه ليكتب، اشتراه ليكتب به ثم يضيع أو يؤخذ منه أو يهبه لأحد فما تحققت العلة، هنا وجد عندهم إشكال أن هذه العلة من وجود الجن والإنس وهذه الحكمة يعني ما تحققت في كثير من الناس فتخلفت هذه العلة التي من أجلها، لكن إذا نظرنا أن هناك قضاء إلهي قدري وقضاء شرعي، ولا تناقض ولا تنافي بين الأمرين، يعني هنا خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، يعني أمرهم بالعبادة بتوحيده بعبادته بطاعته بترك معاصيه شرعاً وإلا كوناً وقدراً؟ أمرهم بذلك شرعاً، لكنه كوناً وقدراً جعل بعضهم سعداء منهم شقي ومنهم سعيد، منهم شقي ومنهم سعيد، وركب فيهم ما يجعلهم يختارون أحد الطريقين، ولم يجبرهم على سلوك أي طريق، يعني بين لهم هداهم النجدين وركب فيهم من حرية الاختيار ما ركب، فليس بظالم لهم، وقدره السابق نافذ لا راد لما قضى الله -جل وعلا-، فمن كان سعيداً فهو سعيد، ومن سبق عليه الكتاب بالشقاوة فهو شقي، ولا تعارض بين ذلك وما جاء في هذه الآية، وإن كان الإشكال أطال فيه المفسرون لكنها ليست بمشكلة؛ لأن المسألة يمكن أن تنفك الجهة يمكن أن تنفك، فإذا كان الله -جل وعلا- قدر عليهم يعني أمرهم شرعاً بالعبادة وقدر عليهم كوناً بعدم العبادة مثل ما في جميع الأوامر، ما في جميع .. ، ولذلك الجبرية حينما يقولون: إن