الإنسان مجبور، وحركته كحركة ورق الشجر في مهب الريح، ماله أي تصرف هنا يكون مظلوم، حينما كتب عليه وقيد لا يفعل ولا يترك، قيد.
ألقاه في اليم مكتوفاً ثم قال له: ... إياك إياك أن تبتل بالماءِ
هذا مظلوم، يعني شخص أوثق شخص بحبل ثم قال له: لا تبتل بالماء، قلنا: ظلمه، وهذا قدر الله عليه أن يكفر ثم عذبه يقول الجبرية: ظلمه، نقول: نعم ظلمه لو جبره على ذلك، لكن الله -جل وعلا- جعل له من حرية الاختيار ما يجعله يختار، يعني لو أن نفراً خمسة أو ستة جالسين في مكان أقيمت الصلاة قال واحد: يا الله يا الإخوان، ثم قال واحد: ما أستطيع طيب فيك شيء أنت؟ يقول: ما أستطيع، أنا مكتوب علي أني ما أصلي، ويش دريك؟ ما الذي يدريك أنه مكتوب عليك أنك ما تصلي؟ أنت مختار الآن جلست، بإمكانك أن تقوم إلى البرادة لتشرب، ما الذي يمنعك؟ بإمكانك أن تقوم إلى مكان الصلاة فتصلي، هذا كل إنسان يدركه من نفسه، فالذي يقول: إنه مجبور هذا الكلام ليس بصحيح، ولو سرق له مال، أو ضرب بعصا التفت على الذي ضربه لماذا تضربني؟ لو قال: أنا مجبور، قال: أنت مجنون ما أنت بمجبور، ففي أمور الدنيا ما يقرون بالجبر، في أمور الآخرة يقولون: مجبور هذا الكلام ليس بصحيح، نعم الله -جل وعلا- قدر على الخلق أن منهم فريق في الجنة وفريق في السعير، لكن الله -جل وعلا- بين لهم الطريقين، وأرسل لهم الرسل وأنزل لهم الكتب، وجعل فيهم من حرية الاختيار ما يختارون مما لا يجبرهم على الطريق الثاني فلم يكن لأحد حجة.
يقول:"ولا ينافي ذلك عدم عبادة الكافرين؛ لأن الغاية لا يلزم وجودها، كما في قولك: بريت هذا القلم لأكتب به فإنك قد لا تكتب به"