للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طيب قد يقول قائل: هذا فيه بيان مزية وفضل لمن له أولاد، فماذا عن من حرم الأولاد- شخص عقيم-؟ ما في شك لمن لهم أولاد بيرفعون عنده، لكن هذا محروم من الأولاد، ماذا له حرمانه من الأولاد مع صبره واحتسابه ورضاه بقدر الله، له من الأجر ما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فعليه أن يصبر ويحتسب ولا ينظر إلى مثل هذه الأمور، بل يرضي بما قدر الرحمن.

وكن صابراً للفقر وادرع الرضى ... لما قدر الرحمن واشكره واحمدِ

عليك أن ترضى بما كتب الله لك.

{كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [(٢١) سورة الطور] " {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ} من عمل خير أو شر {رَهِينٌ} -يعني مرتهن- مرهون يؤاخذ بالشر ويجازى بالخير" هذا هو الأصل، هذه القاعدة أن كل عامل بعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر، لكن فضل الله -جل وعلا- لا يحد، والنقص من عمله من أجل تسديد شيء أخر {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} يعني لو أن الأب نزل من منزلته لكان عقابه بغير عمله، والله -جل وعلا- يقول: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} من خير أو شر مرهون مرتهن بحيث يؤاخذ بالشر ويجازى على الخير، ويجازى بالخير {كُلُّ امْرِئٍ} من صيغ العموم، {كُلُّ} من صيغ العموم فيشمل المسلم والكافر، ومنهم من يقول: إن هذا خاص بالكافر {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [(٣٨) سورة المدثر]، إلا أصحاب اليمين فإنها ليست مرتهنة فالمؤمن لا يدخل في هذه الآية؛ لأنه مستثنى في الآية الأخرى، الارتهان معروف أنه يتفاوت، {رَهِينٌ} يعني بمرتهن أو مرهون، منهم من يرتهن بالشيء اليسير، ومنهم من يرتهن بالشيء الكبير فالكافر مرتهن بكفره بحيث لا يفك أسره ولا رهنه، والمسلم يرتهن بعمله ((وكل مولود مرتهن بعقيقته)) يعني -محبوس بالشفاعة لأبويه حتى يعق عنه-، والدين أيضاً رهن مرهون بدينه ذمته معلقة بدينه مرتبطة به، فلا شك أن الرهن والإرتهان أمور نسبية، لكن الرهن والارتهان بالنسبة للكافر لا شك أنه لا فكاك منه؛ لأن الكافر مخلد في النار نسأل الله العافية.

<<  <  ج: ص:  >  >>