للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما المسلم إذا عمل سيئة أو عمل شر هو مرتهن بهذا الشر، لكن مألوه إلى أن يفك عنه الرهن، فالاستثناء {إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ} [(٣٩) سورة المدثر] هؤلاء لا شك أنهم إن ارتهنوا فرهن مؤقت يفك، وهو أيضاً تحت المشيئة إن شاء عاقبه، وإن شاء عذبه بقدر ذنبه، وإن شاء عفا عنه، وأما الكافر فلا يرد فيه مثل هذا.

{وَأَمْدَدْنَاهُم} [(٢٢) سورة الطور] "زدناهم في وقت بعد وقت"، {بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ} وإن لم يصرحوا بطلبه{أَمْدَدْنَاهُم} فعل أمد الرباعي والفعل الثلاثي أمد.

يقول أهل العلم: إن الفعل الرباعي لا يكون إلا في الخير، والثلاثي في الشر {أَمْدَدْنَاهُم}، وأما بالنسبة لثلاث {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا} [(٧٩) سورة مريم]-نسأل الله العافية- فرق بين مدا وأمدا، وهنا الفعل الرباعي "أمددناهم، زدناهم في وقت بعد وقت" يعني متتابع في وقت بعد وقت، {بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ} يعني وإن لم يصرحوا بطلبه"، ما يحتاج إلى أن يطلب مجرد ما يشتهون، يحصل لهم ما يشتهونه، يحصل لهم ما يشتهونه، وهذا نعيم الجنة الذي لا يقدر قدره إلا الله -جل وعلا- فيها ((ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)) مجرد ما يشتهي يحصل له ما يشتهي.

جاء في بعض الأخبار مثل ما أشرنا قريباً أن صاحب الجنة، المؤمن إذا دخل الجنة يشتهي الطائر، فينزل على خوانه جاهز للأكل، هو طائر يطير ينزل جاهز للأكل، ثم بعد ذلك يأكل منه ما يريد، ثم بعد ذلك يطير؛ لأن نعم الآخرة لا تنتهي ولا تزول، نعيمهم دائماً يقول: "وإن لم يصرحوا بطلبه".

{يَتَنَازَعُونَ} [(٢٣) سورة الطور] هذا ليس من النزاع والشقاق لا؛ لأنه لا يوجد في قلوبهم غل، ونزعنا ما في قلوبهم من غل، وكل شيء موجود ومتوفر بحسب الشهوة بدون طلب يحصل و " {يَتَنَازَعُونَ} يتعاطون بينهم" يتبادلون بينهم كل واحد يعطي الثاني بينهم، " {فِيهَا} أي: في الجنة"، {كَأْسًا} يعني "خمراً"، والكأس لا يقال له كأس حتى يكون مملوءاً يقال له كأس.

<<  <  ج: ص:  >  >>