للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" {لَّا لَغْوٌ فِيهَا} أي بسبب شرب يقع بينهم"، {لَغْوٌ} كلام خصام نزاع، كلام باطل، كلام لا خير فيه لا ما يحصل هذا، {لَّا لَغْوٌ فِيهَا} "أي بسبب شربها يقع بينهم" كما في خمر الدنيا كما إذا شربها في الدنيا -نسأل الله السلامة والعافية- أصدر من الكلام ما يضحك الأطفال والمجانين، حمزة لما شربها مع من معها في أيام عرس علي بفاطمة، وعلى عمل واجتهد في الكسب حتى أشترى ناقة يستعين بها على زواجه مهرة ووليمته شرب الخمر مع مجموعة معه، فقال ما قال وأخذ وقيل له ألا يا حمز للشرف الواء فبقر بطنها، وقال: ما أنتم إلا عبيد لأبي هذه -خمر الدنيا تفعل بصاحبها هكذا-، وهي أم الخبائث فقد يقتل، قد يزني، قد يقع على محارمه، قد يكفر وهو لا يشعر، ينطق بكلام، والخلاف بين أهل العلم معروف في كون الآثار المترتبة على السكر يؤاخذ بها، أولا يؤاخذ، المسألة معروفة لكن الأكثر على أنه مؤاخذ؛ لأنه هو الذي اختار هذا الأمر بطوعه واختياره، ومنهم من يقول: حكمه حكم المجنون لا يؤاخذ، على كل حال خمر الدنيا معروف حكمها وتحريمها ومن لعن فيها -نسأل الله السلامة والعافية-، لعن فيه عشرة وهي أم الخبائث ((من شربها في الدنيا، لم يشربها في الآخرة)) وأيضاً لو أن الإنسان أعمل عقله لم يشربها، كيف بشخص أنعم الله بالعقل ثم يسعى، يعني -إذا رأى مجنوناً حمد الله وشكره- إن لم يكن مجنوناً، ثم بعد ذلك يسعى إلى زوال ذلك العقل! ألا يخشى أن يعاقب بعدم عودة عقله إليه -وهي أم الخبائث-، وقد لعن النبي -عليه الصلاة والسلام- فيها عشرة، وهي ((أم الخبائث من شربها في الدنيا لم يشربها في الآخرة، {لَّا لَغْوٌ فِيهَا} "أي بسبب شربها يقع بينهم {وَلَا تَأْثِيمٌ} به يلحقهم بخلاف خمر الدنيا" يعني لا يلحقهم بسبب شربها إثم، وجاء ما يدل على أن الخمرة يطلق عليها إثم، يطلق عليها الإثم، ولا يوجد ذلك في خمر الآخرة.

وخمر الآخرة تجري أنهار من تحتهم أنهار بغير أخدود -تجري هكذا-، ولا تفيض يميناً ولا شمالاً

أنهارها من غير أخدود جرت ... سبحان ممسكها عن الفيضان

<<  <  ج: ص:  >  >>