للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا} [(٢٩) سورة النجم] "أي: القرآن" {وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [(٢٩) سورة النجم] "وهذا قبل الأمر بالجهاد"، {ذَلِكَ} [(٣٠) سورة النجم] "أي: طلب الدنيا" {مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ} يعني: مبلغ أولئك الكفار، هذا مبلغهم من العلم، ما عندهم غير هذا، هذا الذي أوصلته إليهم عقولهم، "أي: نهاية علمهم أن آثروا الدنيا على الآخرة"، فخابوا وخسروا، {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى} [(٣٠) سورة النجم] الله -جل وعلا- لا يخفى عليه حال أحد من خلقه، لا تخفى عليه خافية، لا تظن أن هذا الذي ضل بيخفى على الله -جل وعلا-، ثم بعد ذلك بطريقة أو بأخرى يدخل الجنة مع أهل الجنة، لا، {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ} [(٣٠) سورة النجم] وسوف يجازيه بما يستحق؛ لأنه لا تخفى عليه خافية، وهو أعلم بأمور الناس وأحوالهم، يعني في أمور الدنيا قد يخفى أمر فلان أو علان على الناس، فيمدح مثلاً وهو لا يستحق المدح؛ لأنه تظاهر بمظهر يستحق به المدح، عبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية راوٍ من الضعفاء ومالك شديد في التوثيق ومع ذلك وثقه، ثم قال: "غرني بكثرة جلوسه في المسجد" وثقه بهذا، لكن الله -جل وعلا- الذي يعلم السر وأخفى يمشي عليه مثل هذه الأمور؟ المدرس قد يتوسم في طالب النجابة والذكاء وهو على خلاف ذلك، فيعطيه من الدرجات أكثر مما يستحق، وينجح بها ولا يستحق النجاح، لكن {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى} [(٣٠) سورة النجم] أي: "عالم بهما فيجازيهما" يعني إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>