{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [(٣١) سورة النجم] أي: "هو مالك لذلك" اللام للملك، هنا للملك، وتأتي لشبه الملك، القفل للباب، والجل للفرس وهكذا، {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [(٣١) سورة النجم] أي: "هو مالك لذلك، ومنه الضال والمهتدي" أي ملك أيضاً، وإن ضل فهو ملك لله، وإن اهتدى فهو ملك لله -جل وعلا-، وهو الذي "يضل من يشاء ويهدي من يشاء" يضل من يشاء ويهدي من يشاء، يعني كتب على الإنسان وهو جنين في بطن أمه شقي أو سعيد، وهو الذي يضل وهو الذي يهدي، بإرادته وكونه القدري، وقد طلب منه الهداية فلم يهتد، طلب منه شرعاً أن يهتدي، ولا تعارض بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية، لماذا؟ ولا ظلم ولا جبر، يضل من يشاء ويهدي من يشاء خلافاً للقدرية، خلافاً للقدرية الذين يرون أن الإنسان يستقل بإرادته ومشيئته دون أن تكون إرادته تبعاً لإرادة الله -جل وعلا- ومشيئته، القدرية النفاة للقدر، وأيضاً خلافاً للجبرية الذي يقولون: إن الإنسان من قوله: {يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء} [(٩٣) سورة النحل] {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى} [(١٧) سورة الأنفال] يقولون: الإنسان مجبور، وتعذيبه ظلم، لا هذا ولا هذا، الإنسان له إرادة ومشيئة، وله حرية وله اختيار، لكنها مربوطة بإرادة الله ومشيئته، فالذي يقول: إنه كتب الله عليه الضلالة فلن يصلي ولن يصوم، ولن ليش يتعب والله كتب .. ؟ نقول: وما الذي يدريك أن الله كتب عليك الضلال؟ تعلم الغيب؟ وما يدريك لعل الله كتبك من المهتدين؟ فأنت الذي اخترت ترك الصلاة، ترك الصيام، ترك العبادات، فعل المنكرات، هل حاول إنسان أن يقوم إلى الميضأة فيتوضأ ثم يذهب إلى المسجد فعجز، ما في أحد حاول وعجز أبداً، له حرية وله اختيار، لكن هذه الحرية كل إنسان يدرك هذا من نفسه، يعني الجبر يستعمله في أمور الدين، يقولون: هو مجبور لا يستطيع أن يفعل، يعني من الجبرية لا من أهل السنة، معروف أهل السنة مذهبهم واضح ووسط بين القدرية النفاة وبين الجبرية، يعملون بالنصوص كلها، لكن لو أن جبرياً جاء شخصاً فضربه بحث عنه قال: أنت الذي ضربتني، قال: