{ونبئهم أن الماء قسمة بينهم} [(٢٨) سورة القمر] يعني "مقسوم"{بينهم}"وبين الناقة فيوم لهم ويوم لها" السياق يحتمل أن الماء يكون مقسوم بينهما فقط هم من غير ذكر للناقة هنا، لكن في موضع أخر {لها شرب} نعم، نعم.
فالآية الأخرى تفسر ما هنا {ونبئهم أن الماء قسمة} يعني "مقسوم"{بينهم}"وبين الناقة فيوم لهم ويوم لها" والجمع، بجمع المذكر لوحظ فيه تغليب الناس مقسوم بينهم وبين الناقة فيوم لهم ويوم لها {كل شرب}"نصيب"، الشرب النصيب، والشرب المصدر، مصدر شرب يشرب أو يشرب "نصيب من الماء"{محتضر} يعني محضور، ليس معناه من الحظر الذي هو المنع لا، إنما هو من الحضور محتضر "يحضره القوم يومهم والناقة يومها" يعني يحضره القوم، يعني قوم صالح في يومهم ونوبتهم، وتحضرها الناقة في يومها ونوبتها، فتمادوا على ذلك"، يعني في يوم يشربون من هذا الماء، في اليوم الثاني تشرب الناقة ويشربون من لبنها، يعني حرمانهم من الماء في اليوم الثاني إلى بدل أفضل منه، فالمتوقع من أناس كرام عقلاء يقدرون الأمور قدرها أن يؤمنوا ويشكروا هذا النعمة، لكن ما الذي حصل؟ فتمادوا على ذلك يعني مشوا عليه مدة ثم ملوه فهموا بقتل الناقة، ولا شك أن هؤلاء قوم لئام هموا بقتل الناقة.
{فنادوا صاحبهم} [(٢٩) سورة القمر] قدار بن سالف أشقى القوم، "قدارا ليقتلها" {فتعاطى} -يعني "تناول السيف" - {فعقر} "به الناقة"، يعني ضربها في الأول مع رجلها بالسيف أو بسهم، يقولون: فرغت وبركت ثم جاء فأجهز عليها بالسيف، {إذ انبعث أشقاها} [(١٢) سورة الشمس] أشقى القوم، أشقى القبيلة الذي باشر، وإلا فالعقر نسب إليهم جميعهم؛ لأنهم أمروا به ورضوا به فالفعل ينسب إلى المباشر كما ينسب إلى المتسبب، وينسب إلى الراضي به ومن أعان عليه، ولذا جاء {فعقروها} [(١٥٧) سورة الشعراء] وهنا {فتعاطى فعقر} "أي قتلها موافقة لهم" فنسب إليه؛ لأنه هو المباشر، ونسب إليهم؛ لأنهم أمروا بذلك وأقروه ورضوا به، فالفعل ينسب إلى الجميع، ولذا نزل العقاب عليهم بعامة -نسأل الله العافية-.