{فكيف كان عذابي ونذر} [(٢١) سورة القمر] "أي إنذاري لهم بالعذاب قبل نزوله أي وقع موقعه" والسنن الإلهية لا تتبدل ولا تتغير ولا تتحول، سنن مضطردة من أول الناس إلى أخرهم هذه عاقبة المكذبين، ولم يستثنى من ذلك إلا قوم يونس، لما رأوا العذاب أمنوا فكشف عنهم، أما بالنسبة لمن عداهم فالسنن واحدة والخشية من هذه السنن؛ لأن من ارتكب ما ارتكبوا عذب بما عذبوا به جزاء وفاقا "وبينه بقولهم: {إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر} [(٣١) سورة القمر] أي الذي يجعل أو الذي يجعل المحتظر "هو الذي يجعل لغنمه حظيرة من يابس الشجر والشوك يحفظهن فيها من الذئاب والسباع وما سقط من ذلك فداسته يسمى الهشيم" فعيل بمعنى مهشوم مفعول؛ لأنه هشم هشمته هذه التي حظر عليها ومنع من دخول ما يؤذيها ومنعة من الخروج أيضا؛ لأن راعي الغنم وراعي الإبل وراعي المواشي يضع لها حظيرة إما من خشب وهذا كثير غالب، أو بسور مثلا، وفي البادية قد لا يتيسر لهم شيء من ذلك، فيضعون أشجاراً وأشواكاً وما أشبه ذلك تمنعها من الخروج، وتمنع من دخول غيرها إليها، ما يتساقط من هذا المواد التي احتظر بها تدوسه هذه الماشية، فإذا جاءته الريح ذرته هشيم تذروه الرياح، يطير.
{فكانوا}، {إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر} [(٣١) سورة القمر] وما زال العامة في مزارعهم يضعون أو يجعلون شيئاً يسمونه حضار من هذا الباب، ـويتساقط منه أشياء وهو هشيم تذروه الرياح إذا جاءت الرياح طارت به، كناية على رقته وخفته وضعفه، يقول الشاعر: