يديه للحساب، لمن خاف مقام ربه أي: قيامه بين يديه للحساب، إذا خاف هذا المقام ثم ماذا بعد هذا الخوف؟ العمل بما أوجبه الله -جل وعلا-، والترك لما حرمه عليه، يعني المقصود بالخوف والرجاء الممدوحين في النصوص جاءت النصوص بمدحهما، الخوف والرجاء المقصود به الخوف الذي يحدو إلى العمل، والرجاء الذي يدعو إلى العمل، وإلا خوف بدون عمل ما يفيد، والرجاء بدون عمل اغترار، يقول:{مَقَامَ رَبِّهِ} [(٤٦) سورة الرحمن] "قيامه بين يديه للحساب فترك معصيته" هذه الفائدة من الخوف، جنتان، لمن خاف مقام ربه جنتان، أهل العلم يتكلمون بكلام طويل في المراد بالجنتين في كلام لا دليل عليه، منهم من يقول: إن الجنة له خاصة به، وجنة لأزواجه وخدمه كما يفعله أهل الدنيا، ومنهم من يقول: هما جنتان يرتاح في إحداهما ثم ينقلب إلى الأخرى؛ لأن ملازمة المكان الواحد نعم ممل، وهذا في أمور الدنيا في أمر الدنيا ظاهر، تجد الإنسان في قصر فخم واسع جميل ثم بعد ذلك يضع له استراحة، إذا مل من هذا القصر ذهب إلى الاستراحة، وإذا مل من الاستراحة رجع إلى القصر، هذا في الدنيا واضح، لكن هل هناك ملل أو سأم في الآخرة في الجنة؟ لا، لكن التنويع في الجنة موجود، جنة فيها أنواع، وهي أيضاً نوع يختلف عن نوع الجنة الثانية، ولا شك أن هذا من زيادة الإكرام لمن خاف مقام ربه.
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [(٤٧) سورة الرحمن] ولا شك أن هذه من أعظم النعم، نعم الله -جل وعلا- وآلائه فلا يكذب بهما.