ويقدّر في أولها: قولوا؛ ليكون ما قبل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} مناسباً له بكونها من مقول العباد، في أول السورة يعني قبل البسملة عند من يقول بأنها آية من الفاتحة وبعدها عند من يقول: أنها ليست بآية تقدر قولوا، وهذا أمر من الله -سبحانه وتعالى- بأن نقول: الحمد لله رب العالمين، وقوله: ليكون ما قبل إياك نعبد مناسباً، الحمد لله رب العالمين، هنا هل يناسب قول الحمد لله رب العالمين يناسب إياك نعبد وإياك نستعين؟ لكن إذا كان القائل هو العبد، هو القائل الحمد لله رب العالمين، يعني إذا كان القائل ابتداءً هو الله -سبحانه وتعالى- حمد نفسه في مطلع هذه السورة، القائل هو الله -سبحانه وتعالى- من غير تقدير قولوا، ابتداءً قال: الحمد لله رب العالمين، وفيما بعد ذلك قال: إياك نعبد، ما في مناسبة، لكن إذا قدر قولوا الحمد لله رب العالمين فنحن نقول، العبد يقول، الحمد لله رب العالمين، إياك نعبد، يكون الكلام متسق، ولذا قال: ليكون ما قبل إياك نعبد مناسباً له بكونها من مقول العباد، فالعباد هم الذين يقولون الحمد لله رب العالمين امتثالاً للأمر المقدر، أي لتكون السورة كلها من مقول العباد، ولو ترك هذا التقدير لاحتمل أن قوله الحمد لله رب العالمين إلى آخرها ثناء من الله -سبحانه وتعالى- على نفسه، فيكون من مقوله، فيكون بعض السورة من مقول الله، وبعضها من مقول العباد، وهو صحيح في حد ذاته، صحيح في حد ذاته، يعني جاء في بعض السور ما يتعين أنه من مقول الله -سبحانه وتعالى-، وتلاه ما يتعين أنه من مقول العباد، هذا صحيح بحد ذاته، لكن سلوك التقدير يؤدي إلى التوافق في كون الكل من مقول العباد، والتوافق على ما قالوا أبلغ من التخالف، يقول ابن جرير:"فإن قال لنا قائل: وما معنى قوله: الحمد لله، أحمد اللهُ نفسه جل ثناؤه فأثنى عليها، ثم علمناه لنقول ذلك كما قال ووصف به نفسه؟ يقول: "فإن كان ذلك كذلك فما وجه قوله تعالى ذكره إذاً: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [(٥) سورة الفاتحة] وهو عز ذكره معبود لا عابد، يقول: إذا كان السورة مساقها واحد، وهي كلها من مقول الله، يعني يتصور أن الله -سبحانه وتعالى- يثني على نفسه بقوله: الحمد لله