للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا.

مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ طِيبٌ فَلَا يَرُدُّهُ، فَإِنَّهُ خَفِيفُ الْمَحْمِلِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ.

قَالَ مِيرَكُ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَكِنْ قَالَ رَيْحَانٌ بَدَلَ طِيبٍ، وَرِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ أَثْبَتُ قُلْتُ، وَسَيَأْتِي تَعْلِيلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا بِأَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْجَنَّةِ هَذَا، وَالْمَحْمِلُ هُنَا بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى، وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْحَمْلُ بِالْفَتْحِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ بِثَقِيلٍ بَلْ قَلِيلِ الْمِنَّةِ، وَمَعَ هَذَا طِيبُ الرَّائِحَةِ، فَالْهَدِيَّةُ إِذَا كَانَتْ قَلِيلَةً، وَتَتَضَمَّنُ مَنْفَعَةً فَلَا تُرَدُّ لِئَلَّا يَتَأَذَّى الْمُهْدِي إِذَا لَمْ يَكُنْ طَمَّاعًا.

(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ) بِالتَّصْغِيرِ، وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ، وَالدَّالِ، وَيُفْتَحُ (عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثٌ) أَيْ ثَلَاثُ هَدَايَا (لَا تُرَدُّ) بِالتَّأْنِيثِ وَقِيلَ بِالتَّذْكِيرِ أَيْضًا لَكِنْ يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ بِاعْتِبَارِ الْمَجْمُوعِ أَوْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْهَدَايَا، وَيُرَادُ بِهَا مَا يُهْدَى ثُمَّ إِنَّهُ بِضَمِّ الدَّالِ عَلَى مَا فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَالنُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ فَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ قِيلَ، وَيَجُوزُ الْفَتْحُ فَيَكُونُ نَهْيًا صَرِيحًا فَتَأَمَّلْ.

وَقَالَ الْحَنَفِيُّ: قَوْلُهُ ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، وَلَا بُدَّ مِنِ اعْتِبَارِ مَعْنًى فِي ثَلَاثٍ مِنَ الْعَظَمَةِ، وَالشَّرَفِ وَقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ، وَخِفَّةِ الْمَحَمِلِ لِيَكُونَ صِفَةً نَكِرَةً مُبْتَدَأً، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثٌ مُبْتَدَأً، وَلَا تُرَدُّ صِفَتُهُ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ (الْوَسَائِدُ) بَعْدَ عَطْفِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ انْتَهَى، وَالْوَسَائِدُ جَمْعُ الْوِسَادَةِ، وَهِيَ مَا يُجْعَلُ تَحْتَ الرَّأْسِ عِنْدَ النَّوْمِ، وَيُقَالُ لَهَا الْمِخَدَّةُ إِذْ قَدْ يُوضَعُ تَحْتَ الْخَدِّ عَلَى مَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ (وَالدُّهْنُ) وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بَدَلَهُ (وَالطِّيبُ) وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالدُّهْنِ هُوَ الَّذِي لَهُ طِيبٌ فَعَبَّرَ تَارَّةً عَنْهُ بِالطِّيبِ، وَأُخْرَى بِالدُّهْنِ (وَاللَّبَنُ) كَذَا فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَالنُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِلَفْظِ ثَلَاثٌ

لَا تُرَدُّ الْوَسَائِدُ وَالدُّهْنُ، وَاللَّبَنُ.

وَنُقِلَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ فِي جَامِعِهِ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَفِيهِ أَيْضًا قِيلَ أَرَادَ بِالدُّهْنِ الطِّيبَ ذَكَرَهُ مِيرَكُ، وَهَذَا نَصٌّ مِنَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الدُّهْنَ هُوَ الْأَصْلُ، وَالطِّيبُ لَيْسَ لَهُ ذِكْرٌ فِيهِ أَصْلًا، فَتَأَمَّلْ يَظْهَرْ لَكَ وَجْهُ الْخَلَلِ عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعَلَّلِ كَقَوْلِ الْحَنَفِيِّ.

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الطِّيبُ بَدَلُ (وَاللَّبَنُ) وَكَقَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ وَفِي نُسْخَةٍ، وَاللَّبَنُ بَدَلُ الدُّهْنِ قَالَ مِيرَكُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ إِذَا أَكْرَمَ رَجُلٌ ضَيْفَهُ بِوِسَادَةٍ فَلَا يَرُدُّهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ إِذَا أَهْدَى رَجُلٌ إِلَى أَخِيهِ وِسَادَةً أَوْ دُهْنًا أَوْ لَبَنًا أَوْ طِيبًا ; فَلَا يَرُدُّهَا لِأَنَّ هَذِهِ هَدَايَا قَلِيلَةُ الْمِنَّةِ ; فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُرَدَّ، وَهَذَا أَوْجَهُ، تَأَمَّلْ.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوِسَادَةِ التَّافِهَةُ الَّتِي لَا مِنَّةَ عُرْفًا فِي قَبُولِهَا، وَحِينَئِذٍ يُلْحَقُ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ كُلُّ مَا لَا مِنَّةَ عُرْفًا فِي قَبُولِهَا.

(حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ) قِيلَ اسْمُهُ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ (الْحَفَرِيُّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْفَاءِ نِسْبَةً إِلَى حَفَرَ مَحَلٍّ بِالْكُوفَةِ كَانَ يَنْزِلُهُ (عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ) بِضَمِّ الْجِيمِ، وَفَتْحِ الرَّاءِ الْأُولَى اسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ ذَكَرَهُ مِيرَكُ (عَنْ أَبِي نَضْرَةَ) بِفَتْحٍ، وَسُكُونِ مُعْجَمَةٍ أَيِ الْمُنْذِرِ بْنِ مَالِكٍ ذَكَرَهُ مِيرَكُ (عَنْ رَجُلٍ) وَفِي نُسْخَةٍ الطُّفَاوِيِّ بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْفَاءِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَسَيَأْتِي فِي السَّنَدِ الْآتِي بَدَلَهُ الطُّفَاوِيُّ مَنْسُوبٌ لِطُفَاوَةَ حَيٍّ مِنْ قِيسِ غَيْلَانَ، وَهُوَ مَجْهُولٌ أَيْضًا فَفِي الْحَدِيثِ مَجْهُولٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، قُلْتُ: الْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْهُ، وَالطَّبَرَانِيُّ وَالضِّيَاءُ عَنْ أَنَسٍ، وَقَالَ مِيرَكُ: حَسَّنَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي جَامِعِهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَجْهُولٌ لِأَنَّهُ تَابِعِيُّ، وَالرَّاوِي

<<  <  ج: ص:  >  >>