للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ ثِقَةٌ فَجَهَالَتُهُ تُغْتَفَرُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طِيبُ الرِّجَالِ) قَالَ مِيرَكُ: الطِّيبُ قَدْ جَاءَ مَصْدَرًا وَاسْمًا، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَمَعْنَاهُ مَا يُتَطَيَّبُ بِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ انْتَهَى قِيلَ وَيَصِحُّ إِرَادَةُ الْمَصْدَرِ هُنَا، وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ بَعِيدٌ (مَا ظَهَرَ رِيحُهُ، وَخَفِيَ لَوْنُهُ) كَمَاءِ الْوُرُودِ، وَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَالْكَافُورِ (وَطِيبُ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ، وَخَفِيَ رِيحُهُ) كَالزَّعْفَرَانِ، وَالصَّنْدَلِ، وَفِي شَرْحِ ابْنِ حَجَرٍ، وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَكَالْحِنَّاءِ وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْهُمْ إِذْ هُمْ شَافِعِيُّونَ، وَالْمُقَرَّرُ مِنْ مَذْهَبِهِمْ أَنَّ الْحِنَّاءَ لَيْسَتْ مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَقَالَ عِيسَى بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ رَاوِي الْحَدِيثِ عَنْ قَتَادَةَ أَرَاهُمْ حَمَلُوا هَذَا عَلَى مَا إِذَا أَرَادَتِ الْخُرُوجَ فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا ; فَلْتَطَّيَّبْ بِمَا شَاءَتِ انْتَهَى ; فَإِنَّ مُرُورَهَا عَلَى الرِّجَالِ مَعَ ظُهُورِ رَائِحَةِ الطِّيبِ مِنْهَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ.

أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا ; فَلَا تَشَهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى «كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ، وَالْمَرْأَةُ إِذَا اسْتَعْطَرَتْ

وَمَرَّتْ بِالْمَجْلِسِ ; فَهِيَ زَانِيَةٌ» .

ثُمَّ الطِّيبُ يَتَأَكَّدُ لِلرِّجَالِ فِي نَحْوِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدِ، وَعِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَحُضُورِ الْمَحَافِلِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَالْمُعَلِّمِ، وَالذِّكْرِ، وَيَتَأَكَّدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ الْمُبَاشَرَةِ ; فَإِنَّهُ مِنْ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ.

(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ) بِضَمِّ مُهْمِلَةٍ، وَسُكُونِ جِيمٍ (أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا (إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ) سَبَقَ (عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنِ الطُّفَاوِيَّ) قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي جَامِعِهِ: هَذَا الْحَدِيثُ حَسَنٌ إِلَّا أَنَّ الطُّفَاوِيَّ لَمْ يُسَمَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا يُعْرَفُ اسْمُهُ ذَكَرَهُ مِيرَكُ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى فَقَوْلُهُ (بِمَعْنَاهُ) لِلتَّأَكُّدِ كَمَا أَنَّ الْإِيرَادَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ لِزِيَادَةِ الِاعْتِمَادِ فِي الِاسْتِنَادِ.

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَا) أَيْ مُحَمَّدٌ، وَعَمْرٌو (حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ) بِضَمِّ زَايٍ فَفَتْحِ رَاءٍ (حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ) أَيِ ابْنُ أَبِي عُثْمَانَ (الصَّوَّافُ) بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ (عَنْ حَنَانٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ الْأُولَى، وَفِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ فَمُوَحَّدَةٍ مُخَفَّفَةٍ، وَفِي نُسْخَةٍ بِمُوَحَّدَتَيْنِ، وَسَيَأْتِي تَرْجَمَتُهُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ) بِفَتْحِ نُونٍ، وَسُكُونِ هَاءٍ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي نَهْدٍ قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَلَّ بِتَثْلِيثِ مِيمٍ، وَلَامٍ مُشَدَّدَةٍ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ مُخَضْرَمٌ مِنْ كِبَارِ الثَّانِيَةِ ثَبْتٌ ثِقَةٌ عَابِدٌ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ، وَقِيلَ بَعْدَهَا، وَعَاشَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَقِيلَ أَكْثَرَ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ فِي أَسْمَائِهِ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَأَسْلَمَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَلْقَهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ مَسْعُودٍ، وَأَبَا مُوسَى، وَرَوَى عَنْهُ قَتَادَةُ، وَغَيْرُهُ انْتَهَى، فَالْحَدِيثُ مُرْسَلٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ السُّيُوطِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَقَالَ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ مُرْسَلًا (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أُعْطِيَ أَحَدُكُمْ) بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ أَيْ عُرِضَ عَلَيْهِ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَانٌ ; فَلَا يَرُدُّهُ ; فَإِنَّهُ خَفِيفُ الْمَحْمِلِ طَيِّبُ الرِّيحِ، وَقَوْلُهُ (الرَّيْحَانُ) مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ، وَهُوَ كُلُّ نَبْتٍ طَيِّبِ الرِّيحِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَشْمُومِ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ قَالَ مِيرَكُ: وَأَهْلُ الْمَغْرِبِ يَخُصُّونَهُ بِالْآسِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَالشَّامِ يَخُصُّونَهُ بِالْحَبَقِ، وَالْحَبَقُ قِيلَ الْفَوْدَجُ، وَقِيلَ وَرَقُ الْخِلَافِ وَقِيلَ الشَّاهِسْفَرَمُ، وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الطِّيبُ كُلُّهُ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ، وَيُطَابِقَ رِوَايَةَ أَبِي دَاوُدَ، وَمَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ طِيبٌ، وَرِوَايَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>