لِابْنِ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتَدَى بِهِ وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَنَا أَنَّ اقْتِدَاءَهُ بِهِ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّةِ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَكَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِمَامًا حِينَئِذٍ أَوْ مَأْمُومًا، وَفِيمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِمَا مِنَ الْمَسَائِلِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْمِرْقَاةِ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ (حَتَّى قَضَى أَبُو بَكْرٍ) أَيْ: أَتَمَّ (صَلَاتَهُ) غَايَةً لِقَوْلِهِ يَثْبُتُ، وَإِنَّمَا أَظْهَرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ هُوَ الْإِمَامُ وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ بِقَوْلِهِ حَتَّى قَضَى مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ أَيْ: فَثَبَتَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى فَرَغَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ انْتَهَى، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَثْبُتَ فَثَبَتَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى فَرَغَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ (ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُبِضَ) أَيْ: وَأَبُو بَكْرٍ غَائِبٌ بِالْعَالِيَةِ عِنْدَ زَوْجَتِهِ بِنْتِ خَارِجَةَ لِضَرُورَةِ حَاجَةٍ دَعَتْهُ إِلَى الْخُرُوجِ بَعْدَ إِذْنِهِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ لِحِكْمَةٍ إِلَهِيَّةٍ (فَقَالَ عُمَرُ) أَيْ: وَقَدْ سَلَّ سَيْفَهُ (وَاللَّهِ لَا أَسْمَعُ أَحَدًا يَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُبِضَ إِلَّا ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي هَذَا) أَيْ: ظَهْرًا أَوْ بَطْنًا وَكَانَ يَقُولُ أَيْضًا إِنَّمَا أُرْسِلَ إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا أُرْسِلَ إِلَى مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَبِثَ عَنْ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تُقَطَّعَ أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلُهُمْ أَيْ: مِنَ الْمُنَافِقِينَ أَوِ الْمُرْتَدِّينَ أَوِ الْمُرِيدِينَ لِلْخِلَافَةِ قَبْلَ حُضُورِ أَبِي بَكْرٍ، وَالْحَامِلُ عَلَيْهِ ظَنُّهُ أَنَّ هَذَا مِنَ الْغَشَيَانِ الْمُعْتَادِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ ذُهُولِ حِسِّهِ فَأَحَالَ الْمَوْتَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (قَالَ) أَيْ: سَالِمٌ (وَكَانَ النَّاسُ) أَيِ: الْعَرَبُ (أُمِّيِّينَ) أَيْ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ قَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ الْأُمِّيُّ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَالْقِرَاءَةَ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْأُمِّيُّ مَنْسُوبٌ إِلَى الْأُمِّ، وَقِيلَ إِلَى أُمِّ الْقُرَى، وَهِيَ مَكَّةُ وَعَلَى التَّقَادِيرِ فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الْكِتَابَةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالدِّرَاسَةِ وَالْمَعْرِفَةِ بِأُمُورِ الْحِسَابِ وَالْكِتَابِ كَمَا هُوَ حَقُّهَا فَكَأَنَّهُ شُبِّهَ بِالطِّفْلِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَلَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا أَوْ بِسُكَّانِ أُمِّ الْقُرَى فَإِنَّهُمْ مَشْهُورُونَ بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَحِسَابٍ، وَلَا كِتَابَةٍ، وَلَا دِرَاسَةٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا قِيلَ لِمَنْ لَمْ يَكْتُبْ
وَلَمْ يَقْرَأْ أُمِّيٌّ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى أُمَّةِ الْعَرَبِ وَكَانُوا لَا يَكْتُبُونَ، وَلَا يَقْرَءُونَ وَيُقَالُ: إِنَّمَا قِيلَ لَهُ أُمِّيٌّ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي وَلَدَتْهُ أُمُّهُ لَمْ يَتَعَلَّمْ قِرَاءَةً، وَلَا كِتَابَةً، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ كَانَتْ فِيهِمْ قَلِيلَةً نَادِرَةً فَإِذَا لَمْ يَتَعَلَّمُوا الْكُتُبَ وَلَمْ يَقْرَءُوهَا حَتَّى يَعْرِفُوا حَقَائِقَ الْأُمُورِ، وَلَا يُذْهِلَهُمْ عَظَائِمُ الْمِحَنِ عِنْدَ وُقُوعِ الْفِتَنِ فَلَا جَرَمَ تَحَيَّرُوا فِي أَمْرِ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ سَبَبُ الْعِلْمِ بِجَوَازِ مَوْتِ الْأَنْبِيَاءِ وَكَيْفِيَّةِ انْتِقَالِهِمْ إِلَى دَارِ الْجَزَاءِ إِنَّمَا هُوَ الْمُمَارَسَةُ بِالْمُدَارَسَةِ أَوِ الْمُشَاهَدَةِ، وَلِذَا قَالَ (لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ نَبِيٌّ قَبْلَهُ فَأَمْسَكَ النَّاسُ) أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute