للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استولى على الأمد (١) ، فتى قريش ناشئًا، وكهفها كهلاً، يفك عانيها، ويريش مملقها (٢) ، ويرأب شعبها (٣) ، ويلم شعثها (٤) ، حتى حليته قلوبها. ثم استشرى في الله فما برحت شكيمته في ذات الله تعالى (٥) ، تشتد، حتى اتخذ بفنائه مسجدًا يحيي فيه ما أمات المبطلون. وكان رحمه الله غزير الدمعة، وقيذ الجوانح (٦) ، شجى النشيج (٧) ، فتتقصف عليه نساء مكة وولدانها (٨) يسخرون منه ويستهزئون به {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} فأكبرت ذلك رجالات من قريش فحنت إليه قسيها، وفوقت لها سهامها، وأنثلوه غرضًا (٩) ، فما فلوا له صفاة (١٠) ، ولا قصفوا له قناة (١١) ، ومر على سيسائه (١٢) حتى إذا ضرب الدين


(١) الأمد: الغاية التي تنصب للمتسابقين.
(٢) يريش: يعطي ويفضل. المملق: الفقير.
(٣) الرأب الجمع والشد يقال: رأب الصدع إذا شعبه ورأب الشيء إذا جمعه وشده برفق.
(٤) يضم متفرق أمر هذه الأمة وكلمتها.
(٥) ثم استشرى في دينه: أي جد وقوي واهتم به. وقيل هو من شرى البرق واستشرى إذا تتابع لمعانه (النهاية) ، فما برحت شكيمته في الله، أي: شدة نفسه، يقال: شديد الشكيمة إذا كان عزيز النفس أبيًا قويًا، وأصله من شكيمة اللجام، فإن قوتها تدل على قوة الفرس. (النهاية) .
(٦) أي محزون القلب، كأن الحزن قد كسره وضعفه، والجوانح تجن القلب وتحويه، فأضافت الوقود إليها. النهاية
(٧) شجي النشيج: الشجو الحزن، وقد شجى يشجي فهو شجي، والنشيج الصوت يتردد في الحلق (النهاية) .
(٨) كان رضي الله عنه يصلي ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم. أي يزدحمون.
(٩) نثلته ونصبته غرضًا. الغرض ما يقصد بالرمي.
(١٠) أي كسروا له حجرًا. كنت به عن قوته في الدين (النهاية) .
(١١) ولا قصفوا له قناة: أي كسروا (النهاية) .
(١٢) على سيسائه: على شدته وقوته، والسيساء عظم الظهر وحده تضربه العرب مثلاً في شدة الأمر.

<<  <   >  >>