للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واكتساب الرأي، والتحصن من السقطة، والتحرز من الملامة، والنجاة من الندامة، وإلفة القلوب، واتباع الأثر (١). وجاء في جواهر الأدب أن بيهس الكلبي قال:

عقل الفتى ليس يغني عن مشاورةٍ ... كحدة السيف لا تغني عن البطل

إن المشاور إما صائبٌ غرضاً ... أو مخطئٌ غير منسوبٍ إلى الخطل (٢)

وقد أثر عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: لا خير في أمر أبرم من غير مشورة. ولهذا يقال: الخطأ مع المشورة أصلح من الصواب مع الإنفراد والاستبداد.

وقد نقل صاحب العقد الفريد - في الشورى - أقوالاً مشهورة، وحكماً مأثورة نلخصها فيما يأتي:

١) لا معين أقوى من المشورة ولا عون أنفع من العقل. فالمشورة تقوي العزم وتمنح النجاح وتوضح الحق وتبسط العذر وتزحزح عن مواقف الندامة، والعقل يهدي صاحبه إلى الأخذ بثمرة المشورة.

٢) من استشار ذوي الرأي والمعرفة في فعل ما عناه فقبل المشورة منهم واقتدى بآرائهم فيها ولم يعدل عنها وعن قويم نهجها قل أن يخفق مسعاه ويفوت مطلوبه، فإن أعجزه القدر فهو معذور غير ملوم.

٣) من ترك المشورة وعدل عنها، فلم يظفر بحاجته صار هدفاً لسهام الملام ومضغة في أفواه العاذلين.

٤) من فضل المشورة أنها تكشف لك طباع الرجال. فمتى طلبت اختبار رجل فشاوره في أمرٍ من الأمور يظهر لك من رأيه وفكره وعدله وجوره وخيره وشره مكانته.

٥) من أكثر الاستشارة لم يعدم عند الإصابة مادحاً وعند الخطأ عاذراً (٣) قال الراغب الأصفهاني: قيل إن الأحمق من قطعه العُجب عن الاستشارة، والاستبداد عن الاستخارة، فالرأي الواحد كالسجيل، والرأيان كالخيطين، والثلاثة إصرار لا ينقض. (٤)


(١) - العقد الفريد للملك السعيد لأبي سالم محمد بن طلحة القرشي النصيبي المتوفى سنة٦٥٢ - ص٤٢. طبع في القاهرة بمطبعة الوطن ١٣٠٦هـ.
(٢) - جواهر الادب للعلامة أحمد الهاشمي -بيروت لبنان , الطبعة الخامسة والثلاثين ١٤١٦هـ.
(٣) - العقد الفريد. ص ٥٨.
(٤) - الذريعة إلى مكارم الشريعة ١٩٢ - للشيخ أبي القاسم الحسين بن محمد بن المفضل الراغب الأصفهاني رحمه الله تعالى - الطبعة الأولى ١٤٠٠هـ - ١٩٨٠م - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان.

<<  <   >  >>