للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذ بحقها وأدى الذي عليه فيها) (١) وفي لفظ لمسلم أيضاً: (يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وأني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم) (٢) , فإذا تقاعس ولي الأمر (رئيس الدولة أو الخليفة أو الملك) عن الشورى فإنه قد لا يجد من يدير له الدولة بأمانة ونزاهة وإخلاص، أما مع استشارة الناس فإنه لا بد أن يتخير الأمثل والأصلح لكل وظيفة من وظائف الدولة وبعد بذل أقصى الجهد والاستشارة فإنه يكون قد أبرى ذمته ديناً ودنيا, لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (فاتقوا الله ما استطعتم) (٣) هذا بالنسبة للوظائف الهامة ذات الخطر العام.

أما بالنسبة لغيرها فإنه يصعب على (رئيس الدولة أو الملك أو الإمام) أن يتحرى بنفسه تحرياً كافياً أو مباشر عن الأكفاء، ويكفي هنا أن تقوم المجالس التشريعية بوضع قانون أو نظام يجمع فيه أهل الشورى على نظام التوظيف والحد الأدنى من الكفاءة ويكون من حق الكافة التقدم بطلباتهم إلى الجهات المختصة التي يجب أن تعنى بفحص هذه الطلبات وجمع ما يستدل به على الكفاءة والأمانة بروح متجردة غير متحيزة لا متأثرة بحزب ولا بوساطة ولا بقرابة فذلك هو الطريق الأمثل ولم يكن إعطاء هذه الصلاحية لولي الأمر (رئيس الدولة أو السلطان أو الخليفة أو الملك أو الإمام) -كما أسلفنا - بتعيين كبار موظفي الدولة مقصور على الفقه الإسلامي وإنما درجت الدساتير وهي أعلى القواعد القانونية على إعطاء هذا الحق لملوك ورؤساء الدول وهو ما أفصح عنه دستور الجمهورية اليمنية في الفصل الثامن بالمواد (١٠٥ وما بعدها).وقد أناط الدستور ذلك برئيس الجمهورية، أما بالنسبة لبقية الوظائف فإنها لا تكاد الدساتير في مختلف البلدان تختلف على أن حقوق وواجبات المواطنين الأساسية متساوية، وصريح المادة (٤١) من دستور الجمهورية اليمنية ((المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة)).


(١) - أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإمارة - باب كراهية الإمارة بغير ضرورة حديث ١٨٢٥ وأخرج الإمام أحمد نحوه في المسند حديث ١٢٨٤٥ (٢١٥١٣).
(٢) - مسلم في الصحيح (١٨٢٦).
(٣) - الآية ١٦ من سورة التغابن.

<<  <   >  >>