للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رضي الله عنه ما رأيت أحداً أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (١).

وبهذا العرض نكون قد أتينا على بيان أن الشورى قاعدة من قواعد نظام الحكم والقضاء في الدولة الإسلامية وغني عن البيان القول بأن الشورى تشمل جميع الشؤون العامة, إلا أنه مما ينبغي التفطن له هو أنه لا تشاور فيما فيه نص صحيح صريح في أحكام الشريعة الإسلامية ولا إشكال في منطوقه ولا مفهومه ولا اختلاف في فهمه لأن ذلك مما لا يحتاج إلى تشاور, وكذلك ما لا لبس فيه في أي واقعة تطرح على القضاء ولا لبس فيها لا في الأدلة المثبتة لها ولا في حكم الشرع والقانون العادل فيها, إلا أن المشتبهات وتباين الفهم في كثير من الحالات مما يتطلب الاستشارة وعدم الاستبداد بالرأي بل إن ذلك ضرورة لا بد منها لمن أراد أن يقتدي بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء الراشدين من بعده، ولا عيب في ذلك ولا نقيصة, ولو لم يكن في ذلك إلا دفع التهمة عن القاضي بأنه يجامل أو يحأبي أو يرتشي أو يحكم بغير الحق وهذا نظام المحلفين في إنجلترا وأمريكا يشكل معلماً من معالم النظام القانوني هناك، ولم يعتبروه عيباً, وقد رسم هذا النظام طابعه على التقاضي في إنجلترا وأمريكا وصار جزءاً من نظام القانون العام منذ حوالي سنة ١١٧٢م وأثناء حكم هنري الثاني الذي اعترف به كما اعترف به (ماجلانا كارتا) سنة ١٢١٥م، ومنذ ذلك التاريخ استقر معيار الاثني عشر محلفاً, وجوهر فكرة المحلفين وتحديد التهمة على أيديهم هي وسيلة إدخال الجمهور في العملية القضائية. (٢)


(١) - سبق تخريجه.
(٢) - انظر كيف تحكم أمريكا لماركس ومارشال ترجمة نظمي لوقا- ص ٢٥٠.

<<  <   >  >>