وأرأهم أنه بادر إلى امتثال ما أُمر به وأنه لم يؤخر كتأخيرهم وأن اتباعهم له وطاعتهم له يوجب اقتدائهم به بادروا حينئذ إلى الاقتداء به وامتثال أمره.
ز- جواز صلح الكفار على رد من جاء منهم إلى المسلمين وأن لا يرد من ذهب من المسلمين إليهم من غير النساء، وأما النساء فلا يجوز اشتراط ردهن إلى الكفار وهذا موضع النسخ خاصة في هذا العقد بنص القرآن ولا سبيل إلى دعوى النسخ من غيره بغير موجب.
ح- أن رد من جاء من الكفار إلى الإمام لا يتناول من خرج منهم مسلماً إلى غير بلد الإمام وأنه إذا جاء إلى بلد الإمام لا يجب عليه رده بدون الطلب فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يرد أبا بصير حين جاءه ولا أكرهه على الرجوع ولكن لما جاءوا في طلبه مكنهم من أخذه ولم يكرهه على الرجوع.
ط- أن المعاهدين إذا تسلموه وتمكنوا منه فقتل أحداً منهم لم يُضَمّنه بدية ولا قود ولم يضمنه الإمام بل يكون حكمه في ذلك حكم قتله لهم في ديارهم حيث لا حكم للإمام عليهم فإن أبا بصير قتل أحد الرجلين المعاهدين بذي الحليفة وهي من حكم المدينة ولكن كانوا قد تسلموه وفصل عن يد الإمام وحكمه.
ي- أن المعاهدين إذا عاهدوا الإمام فخرجت منهم طائفة فحاربتهم وغنمت أموالهم ولم يتحيزوا إلى الإمام لم يجب على الإمام دفعهم عنهم ومنعهم منهم سواءً دخلوا في عقد الإمام وعهده ودينه أو لم يدخلوا, والعهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين المشركين لم يكن عهداً بين أبي بصير وأصحابه وبينهم وعلى هذا فإذا كان بين بعض ملوك المسلمين، وبعض أهل الذمة من النصارى وغيرهم عهد جاز لملك آخر من ملوك المسلمين أن يغزوهم ويغنم أموالهم إذا لم يكن بينه وبينهم عهد كما أفتى به شيخ الإسلام في نصارى ملطية وسبيهم مستدلاً بقصة أبي بصير مع المشركين. (١)
(١) - انظر زاد المعاد في هدي خير العباد - مصدر سابق. ج٣ - ٣٠٠ إلى ٣٠٩.