القرآن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالفتح فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه. فقال: يا رسول الله أو فتح هو. قال: نعم. فطابت نفسه ورجع. (١)
وقد خصص الإمام ابن القيم في زاد المعاد فصل في بعض ما في قصة الحديبية من الفوائد الفقهية نلخص منها ونختار الأمور التالية:
أ- أن أمير الجيش ينبغي له أن يبعث العيون أمامه نحو العدو.
ب- أن الاستعانة بالمشرك المأمون في الجهاد جائزة عند الحاجة لأن العين الذي أرسله النبي صلى الله عليه وآله وسلم الخزاعي كان كافراً إذ ذاك وفيه من المصلحة أنه أقرب إلى اختلاطه بالعدو وأخذه أخبارهم.
ج- استحباب مشورة الإمام رعيته وجيشه استخراجاً لوجه الرأي واستطابة لنفوسهم وأمناً لعتبهم وتعرفاً لمصلحة يختص بعلمها بعضهم دون بعض وامتثالاً لأمر الرب في قوله تعالى (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) وقد مدح سبحانه وتعالى عباده بقوله (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ).
د- جواز ابتداء الإمام بطلب صلح العدو إذا رأى مصلحة للمسلمين فيه ولا يتوقف ذلك على أن يكون ابتداءً الطلب منهم.
هـ- أن مصالحة المشركين ببعض ما فيه ضيم على المسلمين جائزة للمصلحة الراجحة ودفع ما هو شر منه، ففيه دفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناها.
و أن الأصل مشاركة أمته له في الأحكام، إلا ما خصه الدليل ولذلك قالت أم سلمة: اخرج ولا تكلم أحداً حتى تنحر هديك وتحلق رأسك، وعلمت أن الناس سيتابعونه، فإن قيل كيف فعلوا ذلك اقتداءً بفعله ولم يتمثلوه حين أمرهم به قيل هذا هو السبب الذي لأجله ظن من ظن أنهم أخروا الإمتثال طمعاً في النسخ فلما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك علموا حينئذ أنه حكم مستقر غير منسوخ, وقد تقدم فساد هذا الظن، ولكن لما تغيظ عليهم وخرج ولم يكلمهم
(١) - انظر صحيح مسلم - كتاب الجهاد - باب صلح الحديبية في الحديبية - حديث ١٧٨٥.