للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفائدة السادسة: فتح الباب لمن أراد أن يستفسر لإزالة الشبهة عنده ولو كان ولي الأمر قد انتهى بالأخذ بأحد الآراء لأن إزالة الشبهة من قلوب الرعية تأليفاً لقلوبهم واطمئناناً يجعلهم يشاركون إخوانهم في الرأي, كما أنه ينبغي أن يكون عند ولي الأمر القدرة على إيراد الحجج المقنعة, ولكن ذلك لا يبيح للرعية أو بعضهم أن يقفوا موقف المعارضين لما تم التوصل إليه من الشورى بعد عزم ولي الأمر على إنفاذه لقوله تعالى: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) أما أبو عبيدة فإنه لم يقف معارضاً وإنما مستفسراً.

? الفائدة السابعة: أن الله يوفق ولي الأمر ورعيته للصواب إذا أخلصوا في مشاورتهم وقصدوا المصلحة العامة.

? الفائدة الثامنة: أن أهل الشورى مهما كثروا فإنه قد يغيب عنهم الدليل على المسألة من الكتاب أو السنة ولو كانوا علماء مجتهدين مع وجوده عند من غاب عن مجلسهم كما دل على ذلك تلك المناقشات الطويلة، ولو كان عند أحدهم دليل لذكره، ولما كان هناك حاجة لمناقشته حتى جاء عبدالرحمن بن عوف فذكر الدليل فحمد الله عمر رضي الله عنه على موافقته. (١)

قلت وهذه الفوائد جليلة وجميلة ولا تخلو الشورى في كل الأحوال من فوائد جمة وهي تدل على ضرورة استحضار العلماء في مجالس الشورى للأمراء والرؤساء والمجالس النيابية والبرلمانية, وقد درج على ذلك الخلفاء الراشدون كما حدث في شورى الصحابة في تعيين الخليفة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في سقيفة بني ساعدة وشورى عمر رضي الله عنه حينما جعل الأمر شورى في ستة من بعده واستشارته في دخول مصر بعد فتح بلاد الشام واستشارة علي رضي الله عنه أصحابه في مسألة التحكيم وقد لاح النصر وتبين أنها خدعة فلما أشاروا عليه وغلبوه رضخ لأمرهم, وقد قيل أن أهل الشورى كان فيهم ضعف وتناقض في تلك الحادثة أما هو فهو أهل للشورى وما كان يقطع بأمر حتى يستشير وقد أثر عنه أنه قال: الاستشارة عين الهداية وقد خاطر من استغنى برأيه، وأما


(١) - انظر فقه الشورى - دراسة تأصيلية نقدية - تأليف الدكتور علي بن سعيد الغامدي - الطبعة الأولى ١٤٢٢هـ - نقلاً عن الدكتور عبدالله قادري في كتابه الشورى ص ٦٤، ٦٥.

<<  <   >  >>