للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأخرى جدبة أليس يرعى من رعا الجدبة بقدر الله ويرعى من رعى الخصبة بقدر الله ثم لو غيرك يقول هذا يا أبا عبيدة, ثم خلا به بناحية دون الناس, فبينما الناس على ذلك إذ أتى عبدالرحمن بن عوف وكان متخلفاً عن الناس لم يشهدهم بالأمس, فقال: ما شأن الناس؟ فأُخبر الخبر فقال: عندي من هذا علم, فقال: عمر فأنت عندنا الأمين الصدوق فماذا عندك, فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إذا سمعتم بهذا الوباء في بلد فلا تقدموا عليه وإذا وقع وأنتم في بلد فلا تخرجوا فراراً منه ولا يخرجنكم إلا ذلك) فقال عمر: فلله الحمد انصرفوا أيها الناس, فانصرف بهم. (١)

واستشارة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه هنا جاءت للمهاجرين والأنصار ولمهاجري الفتح وهي استشارة لوجهاء الناس وخيارهم وأهل الرأي فيهم ويستفاد منها عدة فوائد منها:

? الفائدة الأولى: حرص ولي الأمر على مصالح المسلمين العامة وعدم إقدامه على اتخاذ قرار لم يتبين له فيه وجه الصواب لما في ذلك من المخاطرة بالمسلمين.

? الفائدة الثانية: هي مشاورة كل من حضره من أهل الحل والعقد أو من أهل الشورى لما في ذلك من تمحيص الآراء والوصول إلى رأي مفيد عن طريق قدح عقول كثيرة.

? الفائدة الثالثة: جواز اجتماع ولي الأمر برعيته على فئات متجانسة كما فعل عمر رضي الله عنه هنا حيث قسمهم إلى ثلاث فئات فئة الأنصار وفئة المهاجرين وفئة مشيخة قريش من مهاجرة الفتح, لأنه كلما كان العدد المتشاور أقل كان النقاش أوسع لسعة الوقت.

? الفائدة الرابعة: الاستئناس برأي كبار السن ذوي الرأي والتجربة.

? الفائدة الخامسة: الاستئناس بالرأي الموحد كما استأنس عمر رضي الله عنه برأي مشيخة الفتح لعدم اختلافهم.

?


(١) - انظر تاريخ الطبري ج ٢ ص ٥٦٦، ٥٦٧، والحديث أخرجه مسلم في صحيحه كتاب السلام باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها حديث ٢٢١٨، ٢٢١٩، والبخاري في صحيحه كتاب الطب باب ما يذكر في الطاعون حديث ٥٧٢٨، ٥٧٢٩.

<<  <   >  >>