للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طريق الوصول إلى أهل العقد والحل بما وضع الفقهاء الدستوريون من نظم الانتخاب وطرائقه المختلفة ما دام يؤدي إلى اختيار أهل الحل والعقد. (١)

قلت: وهذه المسألة من المسائل التي يحدد وسائلها العلماء وتتخذ الدولة بذلك نظاماً أو قانوناً, وإذا كان أصحاب هذا الاتجاه قد أوجدوا سنداً من الكتاب والسنة فإنه لا يعني الاختلاف في الوسيلة التي توصل الأمة إلى الشورى وجواز تغيرها إذ ليست الأدلة تدل بصفة قاطعة على طريق معينة كما سبق وأن بينا ذلك ولكنه بلا شك طريق مثالي إذا تجرد من الحيل ووسائل الغش المرذولة الذي أشار إليها الإمام أبو الأعلى المودودي.

أما أصحاب الاتجاه الثاني فإنهم يرون أن الانتخاب ليس الطريق الأمثل في اختيار أعضاء مجلس الشورى وأن الاعتماد على الجمهور والشعب أو على الاستفتاءات العامة وسيلة قد يساء استعمالها من الحاكمين لأخذ المبادرة وجعل المفكرين والعلماء وأرباب الإختصاص وأولي النهي رقماً مهملاً أو رقماً يتساوى مع عامة الناس ممن ليس لهم رأي سديد ولا معرفة صحيحة أو خبرة أو دراية. نقل ذلك الأستاذ محمد المبارك في تقديمه لكتاب نظام الحكم في الإسلام وقال أنا لا أقول بإهمال الجمهور ففي نصوص الشريعة واتجاهات السلف ما يجعل لهم موقفاً ومكاناً كحق النقد والمجاهرة بالحق أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمبايعة العامة للإمام, لكن أستاذنا الكبير يميل إلى إعطاء القيمة الكبرى لجمهور الشعب حتى في التشريع وهي مسألة اختصاصية (٢). ويقرب من هذا القول ما ذكره الدكتور أحمد العوضي في كتابه الحقوق السياسية حيث فرق بين نوعين من الشورى الأولى الشورى غير الملزمة ويقصد بها أخذ آراء أهل الإختصاص والتقيد بأصوبها وأطلق على مجلسها اسم مجلس الشورى والثاني الشورى الملزمة ويقصد بها أخذ رأي الأمة أو أهل الحل والعقد والتقيد برأي الأكثرية فيهم، وأطلق على مجلسها اسم مجلس الحل والعقد، وعن طريق العضوية في مجلس الشورى قال: لذلك فإن لطريقة


(١) - انظر تفصيل أوسع في الشورى والديمقراطية للدكتور الباز ص ١٤٨ وما بعدها.
(٢) - انظر حقوق الإنسان وحرياته نقلاً عن مقدمة نظام الحكم في الإسلام ص ١٣ بتصرف، وقد نقل هذا القول الدكتور سعيد أبو جيب في كتابه دراسة في مناهج الإسلام السياسي ص ٣٦٢.

<<  <   >  >>