للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عمرو فجعلت أحدثهما عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال ذو عمرو لئن كان الذي تذكر من أمر صاحبك لقد مر على أجله منذُ ثلاث وأقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق رفع لنا ركب من قبل المدينة فسألنأهم فقالوا قبض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم واستخلف أبو بكر والناس صالحون, فقال أخبر صاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله, ورجعا إلى اليمن فأخبرت أبا بكر بحديثهم قال أفلا جئت بهم فلما كان بعد قال لي ذو عمرو يا جرير إن لك علي كرامة وإني مخبرك خبراً إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تآمرتم في آخر, فإذا كانت بالسيف كانوا ملوكاً يغضبون غضب الملوك ويرضون رضى الملوك (١) , قال ابن حجر قوله تآمرتم بمد الهمزة وتخفيف الميم أي تشاورتم أو بالقصر وتشديد الميم أي أقمتم أميراً منكم عن رضى منكم أو عهد من الأول (٢) , وقد علق الدكتور عبد الله أحمد قادري بعد أن أورد الحديث على ذلك بقوله لقد بدا ولاة أمر المسلمين كذلك في أغلب حقب التاريخ بعد الخلافة الراشدة حتى وصل المسلمون الآن إلى ما وصلوا إليه من الفرقة والتناحر وتنافس الأحزاب على السلطة وإطاحة كل حزب بالآخر عن طريق القوة والثورات والانقلابات المتتابعة وذلك من آثار ترك أمر الله تعالى وفقد الصفات الإيمانية وفروعها التي وصف الله بها المؤمنين (فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ* وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَأهم يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ) (٣) , وقوله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ


(١) - انظر صحيح البخاري ج ٥ ص.
(٢) - انظر فتح الباري ج ٥ - ص ١١٣.
(٣) - سورة الشورى الآيات (٣٦ - ٣٩).

<<  <   >  >>