والتنفيذية والقضائية، وهي بذلك تحول دون الاستبداد بالرأي أو الانفراد به، الأمر الذي يؤدي إلى الرأي الصواب وتحقيق وحدة الأمة وتأليف القلوب بين أفرادها. (١)
وصحيح ما ذهب إليه الدكتور فؤاد النادي باعتبار أن الشورى تمثل أهم الضمانات التي تحول دون مخالفة النصوص أو الانحراف بها لأنها تعطي الأمة حق المشاركة في إدارة شؤونها العامة، وحق مشاركة المختصين ومشاورتهم في صياغة أي نظام أو قانون تدار به شؤون الأمة، فيما لم يرد فيه نص، فهي تمثل حجر الزاوية بين الحقوق والحريات الأساسية التي يتمتع بها المسلمون في الدولة الإسلامية، كما تمثل ضماناً يحول دون انتهاك المشروعية، ولهذا كان أساس مشروعية الشورى ولزومها مستمدة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم كما سلف بيان ذلك، وهي تعتبر ضمانة من ضمانات خضوع السلطات العامة لمبادئ الشريعة الإسلامية التي رسمت الحدود والنطاق الذي يتحتم أن تمارس في نطاقها هذه السلطات ضمن ضوابط وقيود تحول دون انحرافها وتعطي الأمة حق مراقبة تلك السلطات في ممارسة مهامها.
أما الديمقراطية: فإنها ووفقاً للمفهوم الذي أشرنا إليه من أنها تعني حكم الشعب لنفسه، فإن الشعب يستطيع ممارسة حقه في الحكم عبر إحدى صور ثلاث:
١ - الديمقراطية المباشرة: وتعني أن يباشر الشعب حق سيادته بنفسه دون وساطة أي جهة، وهذه الصورة تبدو صعبة التحقيق لأنه يفترض فيها أن يباشر الشعب بنفسه جميع سلطات الدولة تشريعية وتنفيذية وقضائية، على أساس أن السيادة لا تقبل أن ينيبها الشعب أو يفوضها إلى من دونه، وقد مورست هذه الديمقراطية في العهد القديم في بعض مدن اليونان والرومان ولا تزال تطبق الآن في بعض المقاطعات السويسرية الجبلية ضئيلة السكان، ويبدو من الناحية العملية استحالة تطبيق هذه النظرية لتعذر جمع الشعب كله في صعيد واحد ولأن عملية التشريع والقضاء هي مما
(١) - د. فؤاد محمد النادي: رئيس قسم القانون العام بجامعة صنعاء وأستاذ القانون العام المساعد بجامعة الأزهر- موسوعة الفقه السياسي ونظام الحكم في الإسلام - الكتاب الخامس: مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون في الفقه الإسلامي ص ٢٢٠ الطبعة الثانية ١٤٠٠هـ - ١٩٨٠م - دار الكتاب الجامعي.