للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بطاعتهم، بلا شرط مع اعتبار الوصف والاتباع المفهوم من الآية، وذلك كالديوان الذي أنشأه عمر باستشارة أهل الرأي من الصحابة ولم تكن في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يعترض أحد من علمائهم على ذلك.

فأمر الله في كتابه, وسنة رسوله الثابتة القطعية التي حرص عليها صلى الله عليه وآله وسلم بالعمل هما الأصل الذي لا يرد, وما لا يوجد فيه نص عنهما ينظر فيه أولو الأمر إذا كان من المصالح, لأنهم هم الذين يثق بهم الناس فيها ويتبعونهم فيجب أن يتشاور في تقرير العمل به (١) , ويقول السيد محمد رشيد رضا في موضع آخر من تفسيره: يجب أن يكون في الأمة رجال أهل بصيرة ورأي، في سياستها ومصالحها الاجتماعية وقدرة على الاستنباط, يرد إليهم أمر الأمن والخوف، وسائر الأمور الاجتماعية والسياسية وهؤلاء هم الذين يسمون في عرف الإسلام أهل الشورى، وأهل الحل والعقد، ومن أحكامهم أن بيعة الخليفة لا تكون صحيحة إلا إذا كانوا هم الذين يختارون الخليفة ويبايعونه برضأهم وهم الذين يسمون عند الأمم الأخرى بنواب الأمة (٢) , وسيأتي مزيد بيان عن ذلك عند حديثنا عن أهل الشورى وما أوردناه هنا إنما كان لغرض بيان صلة المجالس التشريعية بأهل الحل والعقد وإذا كنا قد أوضحنا في هذه العجالة الأساس الذي ينبغي أن تبنى عليه المجالس التشريعية أو المجالس النيابية كما يسميها البعض أو مجالس الشورى وأن أساس اختيارهم يمكن أن يأتي عن طريق تعيين ولي الأمر ضمن ضوابط وشروط أو عن طريق انتخابهم من قبل الأمة التي هم في الواقع ممثلون لها ونواب عنها ليمارسوا الشورى في التشريع فيما لم يرد فيه نص ضمن ضوابط وقواعد لاستنباط الأحكام في كل أمر يستدعي ذلك مما فيه تحقيق لمصلحة معتبرة معتمدين في ذلك على الأدلة التي أرشدهم إليها الشارع الحكيم.


(١) - انظر تفسير القرآن الحكيم الشهير بتفسير المنار طبعة دار الفكر، ج٢.
(٢) - انظر المنار.

<<  <   >  >>