للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأندلس مذ سكنها الإسلام فاستظهر بها على أمره وخلقها ميراثا لمن بعده من ولاة الأندلس وأكرم وجوه أهل سبتة الذين جنحوا إلى طاعته ورفع منازلهم وقضى حوائجهم ووصلهم وخلع عليهم وعلى قاضيهم حسين أبن فتح.

والناصر أوّل من تسمى بأمير المؤمنين من بني أمية بالأندلس لأن الدولة عظمت في أيامه حين أختل نظام ملك العباسيين بالمشرق وتغلبت عليه الأعاجم ولم يتسم أحد من سلفه بالأندلس إلاّ بالأمير وكان ملكه بالأندلس في غاية ما يكون من الضخامة ورفعة الشأن وهادته الروم وأزدلفت إليه تطلب مهادنتها ومتافحته بعظيم الذخائر ولم تبق أمة سمعت به من ملوك الروم والأفرنج والمجوس وسائر الأمم إلاّ وجرت إليه أو وفدت خاضعة راغبة وانصرفت عنه راضية. وقد سرد الإمام أبن حيان من ذلك في تاريخه الكبير ما هو معلوم وذكر هو وغيره أنَّ صاحب مدينة القسطنطينية العظمى هاداه ورغب في موادعته.

وكان وصول أرسال صاحب القسطنطينية عظيم الروم قسطنطين بن ليون في شهر صفر سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة وتأهب الناصر لورودهم وأمر أن يتلقوا أعظم تلق وأفخمه وأحسن قبول وأكرامه وأخرج إلى لقائهم ببجانة يحيى بن محمّد بن الليث وغيره لخدمة أسباب الطريق فلما صاروا بأقرب المحلات من قرطبة خرج إلى لقائهم القواد في العدد والعدة

<<  <  ج: ص:  >  >>