كان هذا الحافظ أبو عبد الله بن الأبار من مشيخة أهل بلنسية وكان علامة في الحديث ولسان العرب وبليغا في الترسيل والشعر وكتب عن السيد أبي عبد الله بن حفص بن عبد المؤمن ببلنسية ثم عن ابنه ثم دخل معه دار الحرب حين نزع به ثم كتب عن ابن مردنيش. ولما زحف الطاغية إلى بلنسية ونازلها، بعث زيان بوفد بلنسية وبيعتهم، إلى الأمير أبي زكريا، وكان فيهم ابن الأبار هذا الحافظ، فحضر مجلس السلطان، وأنشد قصيدته على روى السين يستصرخه، فبادر السلطان بإغاثتهم، وشحن الأساطيل بالمدد إليهم، من المال والأقوات والكسا، فوجدهم في عسرة الحصار، إلى أن تغلب الطاغية على بلنسية، ورجع ابن الأبار بأهله إلى تونس، غبطة بإقبال السلطان عليه، فنزل منه بخير مكان، ورشحه لكتب علامته في صدور رسائله ومكتوباته، فكتبها مدة، ثم إن السلطان أراد صرفها لأبى العباس الغسانى، لما كان يحسن كتابتها بالخط المشرقي، وكان آثر عنده من الخط المغربي، فسخط بن الأبار، أنفة من إيثار غيره عليه، وافتات على السلطان في وضعها في كتاب أمر بإنشائه، لقصور الترسيل يومئذ في الحضرة عليه، وأن يبقى مكان العلامة منه لواضعها. فجاهز بالرد، ووضعها استبدادا وأنفة؛ وعوتب على ذلك، فاستشاط غضبا، ورمى بالقلم، وأنشد متمثلا: