فنمى ذلك إلى السلطان فأمر بلزومه بيته ثم استعتب السلطان بتأليف رفعه إليه عد فيه من عوتب من الكتاب وأنّب وسماه إعتاب الكتاب واستشفع المستنسر بالله فغفر السلطان له وأقل عثرته وأعاده إلى الكتابة ولمّا الأمير أبو زكريا رفعه المستنصر إلى حضور مجلسه مع الطبقة الذين كانوا الأندلس وأهل تونس. وكان في ابن الأبار أنفة وبأو وضيق خلق وكان يزرى على المستنصر في مباحثه ويستقصر مداركه فخشن له صدره مع ما كان يسخط به السلطان من تفضيل الأندلس وولاتها عليه.
وكانت لابن أبى الحسين فيها سعاية لحقد قديم سببه أن ابن الأبار لما قدم في الأسطول من بلنسية نزل ببنزرت وخاطب ابن أبى الحسين بغرض رسالته ووصف أباه في عنوان مكتوبة بالمرحوم ونبه على ذلك فاستضحك وقال إن أبًا لا تعرف حياته من موته لأب خامل ونميت إلى ابن أبى الحسين فأسرها في نفسه ونصب له إلى أن حمل السلطان على إشخاصه إلى بجاية ثم رضى عنه واستقدمه ورجعه إلى مكانه من المجلس وعاد هو إلى مساءة السلطان بنزعاته إلى أن جرى في بعض الأيام ذكر مولد الواثق وساءل عنه السلطان بعض من حضره فاستبهم فغدا عليه ابن الأبار بتاريخ الولادة وطالعها فاتهم بتوقع المكروه للدولة والتربص بها كما كان أعداؤه يشيعون عنه بما كان ينظر في النجوم فتقبض عليه وبعث السلطان إلى داره فرفعت إليه كتبه أجمع وألفى في أثنائها -فيما زعموا- رقعة بأبيات أولها:
طغا بتونس خلف ... سموه ظلما خليفه
فاستشاط لها السلطان وأمر بامتحانه ثم بقتله فقتل قعصا بالرماح وسط محرم