من سنة ثمان وخمسون، يعني وست مائة. ثم أحرق شاوه، وسيقت مجلدات كتبه، وأوراق سماية ودواوينه، فأحرقت معه.
انتهى كلام ابن خلدون.
والقصيدة السينية التي أشار إليها ابن خلدون، كنت عزمت على ذكرها أوّل تراجم هذا الكتاب، حين ذكرت أمر الجزيرة، وأتيت بقصيدة صالح ابن شريف، فنسيت ذلك، حتى قضى الله به الآن؛ وهي من غرر القصائد الطنانة، وهذا نصها:
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا ... إنَّ السبيل إلى منجاتها درسا
وهب لها من عزيز النصر ما التمست ... فلم يزل منك عز النصر ملتمسا
وحاش مما نعانيه حشاشتها ... فطالما ذاقت البلوى صباح مسا
يا للجزيرة أضحى أهلها جزاراً ... للحوادث وأمسى جدها تعسا
في كل شارقة إلمام بائقة ... يعود مأتمها عند العدا عرسا
وكل غاربةٍ إجحاف نائبة ... تثنى الأمان حذار والسرور أسا
تقاسم الروم لا نالت مقاسمهم ... ولا عقائلها المحجوبة الأنسا
وفي بلنسة منها وقرطبة ... ما ينسف النفس أو ما ينزف النفسا
مدائن حلها الإشراك مبتسما ... جذلان وارتحل الإيمان مبتئسا
وصيرتها العوادي العابثات بها ... يستوحش الطرف منها ضعف
فمن دساكر كانت دونها حرما ... ومن كنائس كانت
يا للمساجد عادت للعدا بيعا ... وللنداء غدا
لهفي عليها إلى استرجاع فائتها ... مدارساً للمثاني