للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه لبديع من قدرته واحتياطه ولئن كان أتى بها على البديهة لوقته إنه لأعجب وأغرب فكان سبب اتصاله به واستعماله له.

وذكر أبن أصبغ لهمداني عن منذر القاضي أنه خطب يوما وأراد التواضع فكان من فصول خطبته أن قال: حتى متى وإلى متى أعظ غيري وأتعظ وأزجر ولا أزدجر أدل الطريق على المستدلين وأبقى مقيما مع الحائرين كلا إ هذا لهو البلاء المبين " إن هي إلاّ فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء " الآية. اللهم فرغني لمّا خلقتني له ولا تشغلني بما تكفلت لي به ولا تحرمني وأنا أسألك ولا تعذبني وأنا أستغفرك يا أرحم الراحمين قال: وكان الخليفة الناصر لدين الله كلفا بعمارة الأرض وإقامة معالمها وتخليد الآثار الدالة على قوة الملك وعزة السلطان فأفضى به الإغراق في ذلك إلى أن ابتنى مدينة الزهراء البناء الذي شاع ذكره واستفرغ وسعه في تنميقها وإتقان قصورها وزخرفة مصانعها فأراد القاضي منذر أن يغض منه بما يتناوله من الموعظة بفضل الخطاب والحكمة والتذكير بالإنابة والرجوع فأدخل في خطبته فص مبتدئا بقوله تعالى: " أتبنون بكل ريع آية تعبثون. وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون. وإذا بطشتم بطشتم جبارين. فاتقوا الله وأطيعون. واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون. أمدكم بأنعم وبنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>