للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سقفها به وجعل سقفها حمراء فاقعة إلى بيضاء ناصعة فتستلب الأبصار بأشعة أنوارها وجلس في إثر تمامها يوما لأهل مملكته فقال لقرابته ومن حضر من الوزراء وأهل الخدمة مفتخرا عليهم بما صنعه من ذلك: هل رأيتم أو سمعتم ملكا كان قبلي فعل مثل هذا أو قدر عليه؟ فقالوا: لا والله يا أمير المؤمنين وإنك لأوحد في شأنك كله وما سيبقك إلى مبتدعاتك هذه ملك رأيناه ولا انتهى إلينا خبره فأبهجه قولهم وسره. فبينما هو كذلك إذ دخل عليه القاضي منذر بن سعيد واجما ناكس الرأس فلما أخذ مجلسه قال له كالذي قال لوزرائه من ذكر السقف المذهب واقتداره على ابتداعه فأقبلت دموع القاضي تتحدر على لحيته وقال له: والله يا أمير المؤمنين ما ظننت أنَّ الشيطان لعنه الله يبلغ منك هذا المبلغ ولا أن تمكنه من قيادك هذا التمكين مع ما آتاك الله من فضله ونعمته وفضلك به على العالمين حتى ينزلك منازل الكافرين. قال: فانفعل عبد الرحمن لقوله وقال له: انظر ماذا تقول وكيف أنزلتني منزلتهم. فقال له: نعم أليس الله تعالى يقول: " ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ". فوجم الخليفة وأطرق مليا ودموعه تتساقط خشوعا لله سبحانه. ثم أقبل منذر وقال له: جزاك الله يا قاضي عنا وعن نفسك خيرا وعن الدين والمسلمين أجمل الجزاء وكثر في الناس أمثالك فالذي قلت هو الحق. وقام عن مجلسه ذلك وهو يستغفر الله

<<  <  ج: ص:  >  >>