وطبوا على وجوههم وتأملوا ناكسي رءوسهم غاضين من جفونهم قد سكرت أبصارهم حتى وصلوا إلى باب الأقباء أول قصر الزهراء فترجل جميع من كان خرج إلى لقائه وتقدم الملك أردون وخاصة قوامسه على دوابها حتى انتهوا إلى باب السدة فأمر القوامس بالترجل هنالك والمشي على الأقدام فترجلوا ودخل الملك أردون وحده راكبا مع محمّد بن طملس فأنزل في برطل البهو الأوسط من الأبهاء الفبلية التي بدار الجند على كرسي مرتفع مكسو الأوصال بالفضة وفي هذا المكان بعينه نزل فبله عدوه ومناوئه شانجا بن ردمير الوافد على الناصر لدين الله رحمه الله تعالى فقعد أردون على الكرسي وقعد أصحابه بين يديه وخرج الإذن لأردون الملك من المستنصر بالله بالدخول عليه فتقدم يمشي وأصحابه يتبعونه إلى أن وصل إلى السطح فلما قابل المجلس الشرقي الذي فيه المستنصر بالله وقف وكشف رأسه وخلع برنسه وبقي حاسرا إعظاما لمّا بان له من الدنو إلى السرير واستنهض فمضى بين الصفين المرتبين في ساحة السطح إلى أن قطع السطح وانتهى إلى باب البهو فلما قابل السرير خر ساجدا سويعة ثم استوى قائما ثم نهض خطوات وعاد إلى السجود ووالى ذلك مرارا إلى أن قدم بين يدي الخليفة وأهوي إلى يديه فناوله إياها وكرر راجعا مقهقرا على عقبه إلى وساد الديباج مثقل بالذهب جعل له هنالك ووضع على قدر عشرة أذرع من السرير فجلس عليه والبهر قد علاه وأنهض خلفه من استدنى من قوامسه وأتباعه فدنوا ممتثلين