للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأومأ إلى تقبيل يده، فقبضها الحاجب عنه، وانحنى إليه فعانقه وجلس معه، فغبطه ووعده من إنجاز عدات الخليفة له بما ضاعف سروره؛ ثم أمر الحاجب جعفر فصبت عليه الخلع التي أمر بها الخليفة وكانت دراعة منسوجة بالذهب وبرنسا مثلها، له لوزة مفرعة من خالص التبر مرصعة بالجواهر والياقوت ملأت عين العلج تجلة فخر ساجداً وأعلن بالدعاء؛ ثم دعا الحاجب أصحابه رجلاً فخلع عليهم على قدر استحقاقهم؛ فكمل جميع ذلك بحسب ما يصلح لهم. وخر جميعهم خاضعين شاكرين، ثم انطلق الملك " اردون " وأصحابه وقدم لركابه في أول البهو الأوسط فرس من عتاق خيل الركاب، عليه سرج حلي، ولجام حلي مفرع، وانصرف مع أبن طملس إلى قصر الرصافة، وكان تضييفهن وقد أعد له كل ما يصلح لمثله من الآلة والفرش والماعون، واستقر الملك أردون وأصحابه فيما لا كفاء له من سعة التضييف، وإرغاد المعاش، واستشعر الناس من مسرة هذا اليوم وعزة الإسلام فيه، ما أفضوا في التبجح به، والتحدث عنه أياماً.

وكانت للخلفاء والشعراء بمجلس الخليفة في هذا اليوم مقامات حسان وإنشادات لأشعار محكمة متان يطول القول في اختيارها.

فمن ذلك قول عبد الملك بن سعيد المردي من قصيدة طويلة:

ملك الخليفة آية الإقبال ... وسعوده موصولة بنوال

فالمسلمون بعزة وبرفعة ... والمشركون بذلة وسفال

القت بأيديها الأعاجم نحوه ... متوقعين لصولة الرئبال

هذا أميرهم أتاه آخذا ... منه أواصر ذمة وحبال

<<  <  ج: ص:  >  >>