للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأليف، رأيت أنَّ أجلبه جميعه، لمّا فيه من ذكر بلاغة القاضي عياض ونصه:

وقد كان للقدماء، رضي الله عنهم، في تدريس المدونة اصطلاحان: اصطلاح عراقي، واصطلاح قروي. فأهل العراق جعلوا من مصطلحهم مسائل مدونة كالأساس، وبنو عليها فصول المذهب بالأدلة والقياس، ولم يعرجوا على الكتاب بتصحيح الروايات، ومناقشة الألفاظ، ودأبهم القصد إلى إفراد المسائل، وتحرير الدلائل، ورسم الجدليين، وأهل النظر من الأصوليين. وأما الاصطلاح القروي فهو البحث على ألفاظ الكتاب، وتحقيق ما احتوت عليه بواطن الأبواب، وتصحيح الروايات وبيان وجوه الاحتمالات والتنبيه على ما في الكلام من اضطراب الجواب، واختلاف المقالات، مع ما أنضاف إلى ذلك من تتبع الآثار، وترتيب أساليب الأخبار، وضبط الحروف على حسب ما وقع من السماع، وافق ذلك عوامل الأعراب أو خالفها.

فهذه كانت سرة القوم رضوان الله عليهم، إلى أن عم التكاسل، وصار رسم العلم كالماحل. ويحقق ما قلناه تصرف التونسي في تعاليقه اللطيفة المنزع، واللخمي في تبصرته البارعة الختام والمطلع إلى غير ذلك من تآليف القرويين وتعاليق المحققين، من شيوخ الأفريقيين.

وقد سلك القاضي عياض في تنبيهاته مسلك جمع فيه بين الطريقتين

<<  <  ج: ص:  >  >>