للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أدرك حمامه، ووراته هناك رجامه، وبقي أبو بكر متفرد، وللطلب متجردا، حتى أصبح في العلم وحيداً، ولم تجد عنه الرياسة محيدا، فكر إلى الأندلس، فحلها والنفوس إليه متطلعه، ولأنبائه متسمعه، فناهيك من حظوة لقي، ومن غزة سقى، ومن رفعة سما إليها ورقي، وحسبك من مفاخر قلدها، ومن محاسن أنس أثبتها فيها وخلدها.

وقد أثبت من بديع نظمه ما يهز أعطافا، وترده الأوهام نطافا. فمن ذلك قوله يتشوق إلى بغداد، ويخاطب أهل الوداد:

أمنك سرى والليل يخدع بالفجر ... خيال حبيب قد حوى قصب الفخر

جلا ظلم الظلماء مشرق نوره ... ولم يخبط الظلماء بالأنجم الزهر

ولم يرض بالأرض البسيطة مسحبا ... فسار على الجوزاء إلى فلك يجرى

وحث مطايا قد مطاها بعزة ... فأوطأها قسرا على قنة النسر

فصارت ثقالا بالجلالة فوقها ... وسارت عجالا تتقي ألم الرجر

وجرت على ذيل المجرة ذيلها ... فمن ثم يبدو ما هناك لمن يسري

ومرت على الجرباء توضع فوقها ... فآثارها ما مرت به كلف البدر

وسافت أريج الخلد من جنة العلى ... فدع عنك رملا بالأنيعم يستذري

<<  <  ج: ص:  >  >>