للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأرانا من الهدى منارا وجعل لنا من الشجر الأخضر نارا وخلقنا أطوارا وأطلع لنا شموسا وأقمارا تدل على حكمته ويستدل بها على مقدار نعمته.

والصلاة على نبيه الذي بعثنا من مرقد الضلالة وجلى عنا غياهب الجهالة فظهر الرشاد بعد احتجابه وتوارى الغي في حجابه صلى الله عليه وسلم تسليما.

فإني لمّا فرغت من الكتاب الذي أبديت به للإحسان مبسما وجعلته لمحاسن الثمان موسما وجلوت فيه أبكار المفاخر وعونها وخصصت به نكت المآثر وعيونها وشعشعت فيه المحاسن وروقتها وفتقت فيه كمائم البدائع وشققتها حتى أتت أزهى من الحديقة وأبهى من ملك النعمان بين الشقيقة يتمنى السحر أنْ يحلها والعيون النجل أنْ تكحلها فصارت به لأهل الأندلس السن مفتخرة وانتشرت لمعاليهم عظام نخرة ورأيت فيه فضل الأواخر على الأوائل وجريت به أمام سبحان وائل وملكت بسببه كل قياد وتركت ورائي قس أياد وكان لي فيه أمل ثناني أنْ يجلى وعداني أنْ ينص ويتلى فطويته طي السجل ولويته لي محيا الخجل وتركته كالبدر في السرار وأخفيته كما خفى في الغمد ماضي الغرار والخواطر تهيم به أعظم هيم وتستمطره أستمطار المحل المديم والنفوس تتشوف إليه تشوف الضال للمرشد والآذان تصيخ إليه إصاخة الناشد للمنشد وأنا أجعل لقاحه حيالا ولا أريه طيف ولا خيالا ثم خشيت أنْ يكسو الزمان جوهره عرضا ويتخذ الحدثان بدره عرضا فتمحى من وجهه الزمان غرته وتسقط عن جبين الدهر درته ومالمح منه عنان ولا شيم منه ما فيه سلوان فتذوب النفوس عليه عيون الذكاء بعد رمدا فرأيت أنْ أستخرج من أخباره دلالة اللفظ على المعنى واللحظ على المغنى وينبئ عنه إنباء

<<  <  ج: ص:  >  >>