عياض بوفاته، وقال قيدتها حين وفاته. قلت: وهذا هو الصواب لا ما قله بعض من شرح الشفا: أنَّه توفي يوم الخميس رابع رجب المذكور، ولعله ظن أنَّ يوم دفنه يوم وفاته، على أنَّ مثل هذا قريب، لا سيما إن كانت وفاته آخر الليل، فلا يكون بين اليوم والليلة إلاّ مديدة قليلة جداً، فافهم.
وحكي القاضي أبو الحسن عيسى بن حبيب: أنَّه رحل إلى أبي الوليد الباجي سنة تسع وستين وأربع مائة، وصحبه بسرقسطة، ثم سافر معه إلى الورية، حتى مات أبو الوليد، فكانت صحبته له نحو أربعة أعوام، ووصل من منفعته به في العلم في هذه المدة، ما لم يصل إليه غيره منه في المدة الطويلة، رحمهما الله تعالى؛وأجاز له جميع رواياته أبو العباس العذري، وأبو القاسم عبد الجليل الربعي القيرواني، مع تواليفه، وأجاز له أبو عبد الله بن المرابط روايته عن الطلمنكي وخلف البغوي، وصحب بعد وفاة القاضي أبي الوليد الباجي ابنه أبا القاسم، وأجاز له جميع ما رواه، وانصرف إلى حصن مرجيق، فولى الأحكام به، ثم نقل إلى قضاء شلب، فأقام بها قاضياً أعواماً، ثم نقله الأمير سير بن أبي بكر إلى قضاء إشبيلية، بعد صرف أبي القاسم بن منظور عن قضائها، فضبط الأمر، وجمع المتفرق من شئون القضاء، وكان صليباً في الحق، نافذاً في أحكامه، لا تأخذه في الله لومة لائم، وشنئه أقوام، فبغوا عليه، بغياً وحسداً، عند أمير المسلمين عليّ بن يوسف بن تاشفين، فصرفه عن القضاء، ثم لم يلبث إلاّ نحو خمسة عشر يوماً، حتى رده إليه أحسن رد. وكان الفقيه أبو مروان عبد الله بن شبزين. ولم يزل قاضياً بإشبيلية، مضطلعاً بأعباء القضاء، حسن السياسة فيه، ناشراً للعلم، إلى أنْ توفي بها، رحمه الله تعالى. ذكره ابن بشكوال.