الحافظ السلفي المذكور وهو شيخه كان يقول: مولدي بالتخمين لا باليقين سنة ثمان وسبعين فيكون مبلغ عمره على مقتضى ذلك ثمانيا وتسعين سنة. هذا آخر كلام الصفراوي المذكور.
ورأيت في تاريخ الحافظ محب الدين محمّد بن محمود المعروف بابن النجار البغدادي ما يدل على صحة ما قاله الصفراوي فإنه قال: قال عبد الغني المقدسي: سألت الحافظ السلفي عن مولده فقال: أنا أذكر قتل نظام الملك في سنة خمس وثمانين وأربع مائة وكان لي من العمر حدود عشر سنين.
قلت: ولو كان مولده على ما يقوله أهل مصر إنَّه في سنة اثنتين وسبعين ما كان يقول أذكر قتل نظام الملك في سنة خمس وثمانين وأربع مائة فإنه على ما يقولونه قد كان عمره ثلاث عشرة سنة أو أربع عشرة سنة ولم تجر العادة أنْ من يكون في هذا السنة يقول: أنا أذكر القضية الفلانية وإنما يقول ذلك من يكون عمره تقديرا أربع أو خمس أو ست سنين.
فقد ظهر بهذا أنَّ قول الفراوي تلميذه أقرب إلى الصحة وقد سمع منه أنَّه قال: مولدي في سنة ثمان وسبعين وليس الصفراوي ممن يشك في قوله ولا يرتاب في صحته مع أننا ما علمنا أنَّ أحدا منذ ثلاث مائة سنة إلى الآن بلغ المائة فضلا عن أنَّه زاد عليها سوى القاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري فإنه عاش مائة سنة وسنتين وكما سيأتي في ترجمته.
ونسبة السلفي إلى جدة إبراهيم سلفة بكسر السين المهملة وفتح اللام والفاء وفي آخره الهاء وهو لفظ عجمي ومعناه بالعربي ثلاث شفاه لأن شفته الواحدة كانت مشقوقة فصارت مثل شفتين غير الأخرى الأصلية