بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي طَابَ حَدِيثُهَا، وَطَارَ ذِكْرُ عَوَارِفِهَا، فَمَا آنَ لأَنْجُمِهَا مَغِيبُهَا، وَلا فُقِدَ فِي الشَّدَائِدِ مُغِيثُهَا، وَطَالَ بِنَاءُ مَجْدِهَا فَعَلا عَلَى الْمَجَرَّةِ أَثِيلُهَا، وَأَخْمَلَ نَبْتَ الْخَمَائِلِ أَثِيثُهَا.
نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي حَشَرَتْنَا فِي زُمْرَةِ مَنْ حَدَّثَ وَأَخْبَرَ، وَجَمَعَ الآثَارَ النَّبَوِيَّةَ فَوَشَّى الطُّرُوسَ بِهَا وَحَبَّرَ، وَأَفَادَ وَاسْتَفَادَ فَأَقْبَلَ عَلَى الْخَيْرِ لَمَّا تَوَلَّى الشَّيْطَانُ عَنْهُ وَأَدْبَرَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً مَتْنُهَا الْحَسَنُ صحيحٌ، وَطَرِيقُهَا لَمْ يَمْشِ فِيهِ ضعيفٌ وَلا جريحٌ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ الْمُرْسَلُ، وَنَبِيُّهُ الَّذِي لا يُرَدُّ حُكْمُهُ وَلا يُهْمَلُ، وَحَبِيبُهُ الَّذِي فَاضَ الْجُودُ عَنْ يَمِينِهِ، وَتَسَلْسَلَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الَّذِينَ أَعْضَلَ عَلَى الْبَاطِلِ أمرهم، وأشكل على البهتان ذكرهم وأصبح موقوفاً عَلَى الرِّيَاضِ النَّافِحَةِ بِشْرُهُمْ وَنَشْرُهُمْ، صَلاةً يُصْبِحُ حَدِيثُهَا إِلَى الْفِرْدَوْسِ مَرْفُوعًا، وَفَضْلُهَا بَيْنَ النُّجُومِ الزَّاهِرَةِ مَوْضُوعًا، مَا اتَّصَلَ سندٌ بِالرِّوَايَةِ، وَنُشِرَتْ فِي مَوَاقِفِ السَّمَاعِ مِنَ الطُّرُوسِ رَايَةٌ، وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
وَبَعْدُ فَلَمَّا كَانَ فَنُّ الرِّوَايَةِ مِنْ أَجَلِّ الْفُنُونِ، وَأَجْمَلِ الْفَضَائِلِ الَّتِي تَشْخَصُ لَهَا الْعُيُونُ، بِهِ يَتَّصِلُ مَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَطَالَتْ عَلَيْهِ الْمُدَّةُ حَتَّى كَادَ يُمْحَى أَثَرُهُ، فَضَبَطَ الرُّوَاةُ مَا شَذَّ مِنْ طُرُقِهِ وَحَفِظُوهُ، وَمَيَّزُوا الدَّخِيلَ فِيهِ فَجَرُّوهُ إِلَى خَارِجٍ وَخَفَضُوهُ، فَهُمُ الأُصُولُ لِكُلِّ علمٍ، وَأَصْحَابُ الْهِمَمِ الْعَالِيَةِ فِي الْحَرْبِ وَالسِّلْمِ، يَرُدُّونَ كُلَّ قولٍ إِلَى قَائِلِهِ، وَيُحَرِّرُونَ مَا تَأَصَّلَ مِنْهُ وَمَا تَفَرَّعَ فِي مَسَائِلِهِ.
وَكَانَ سَيِّدُنَا وَمَوْلانَا قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجُ الدِّينِ سَيِّدُ الْعُلَمَاءِ الأَعْلامِ، جَلالُ الإِسْلامِ، حَبْرُ الأُمَّةِ، قُدْوَةُ الأَئِمَّةِ، لِسَانُ النُّظَّارِ، رِحْلَةُ الْمُحَدِّثِينَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute