للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصَّنْهَاجِيِّ، وَأَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الحجار، وأحمد بن منصور ابن الْجَوْهَرِيِّ، وَعَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قريش، ومحمد بن عبد الغني ابن الصعبي، وعبد المحسن بن أحمد ابن الصَّابُونِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.

وَسَمِعَ كَثِيرًا مِنَ الْكُتُبِ وَالأَجْزَاءِ، وَحَفِظَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، وَصَلَّى بِهِ فِي سَنَةِ ثمانٍ وعشرين وسبع مئة، ثُمَّ إِنَّهُ اشْتَغَلَ بِالْفِقْهِ وَالنَّحْوِ وَالأُصُولِ وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى وَالِدِهِ، وَعَلَى الشَّيْخِ أَثِيرِ الدِّينِ أَبِي حَيَّانَ وَغَيْرِهِمَا، وَلَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ إِلا وَقَدْ حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى شيءٍ كثيرٍ، وَنَظَمَ الشِّعْرَ، وَأَدْرَكَ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ الصَّائِغَ صَاحِبَ السَّنَدِ الْعَظِيمِ فِي الْقِرَاءَاتِ، وَسَمِعَ عَلَيْهِ بِقِرَاءَةِ وَالِدِهِ وَغَيْرِهِ نَحْوًا مِنْ سِتِّ قِرَاءَاتٍ فِي بَعْضِ أَجْزَاءٍ مِنَ الْقُرْآنِ.

وَصَنَّفَ مُجَلَّدَةً ضَخْمَةً فِيهَا تَنَاقُضُ كَلامِ الإِمَامِ الرَّافِعِيِّ وَالشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَلَمَّا صَنَّفَ ذَلِكَ كَانَ عُمْرُهُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأُذِنَ لَهُ بِالإِفْتَاءِ وَعُمْرُهُ عِشْرَونُ سَنَةً.

وَلَمَّا تَوَجَّهَ وَالِدُهُ إِلَى قَضَاءِ الْقُضَاةِ بِالشَّامِ وَلاهُ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ النَّاصِرُ مَنَاصِبَ وَالِدِهِ فِي تَدْرِيسِ الْمَنْصُورِيَّةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ السَّيْفِيَّةِ وَالْهَكَّارِيَّةِ وَمَشْيَخَةِ الْحَدِيثِ بِالْجَامِعِ الطُّولُونِيِّ وَالْجَامِعِ الظَّاهِرِيِّ، فَقَامَ بِهَا أَحْسَنَ قِيَامٍ، وَبَرَعَ فِي عُلُومٍ شَتَّى.

وَقَالَ أَخُوهُ سَيِّدُنَا قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجُ الدِّينِ أَسْبَغَ اللَّهُ ظِلَّهُ: إمامٌ نظارٌ، وهمامٌ يُعَدُّ فِي الأَحْبَارِ، ومقدامٌ لا يُصْطَلَى لَهُ بنارٍ، سَاحَ وَابِلُ فَضْلِهِ فَمَلأَ الآفَاقَ، وَلاحَ سَاطِعُ نُورِهِ لا يَعْتَرِضُهُ مَا يَعْتَرِضُ الْبَدْرَ مِنَ الْمُحَاقِ، وَرَاحَ جَوَادُ بِنَائِهِ مُتَبَانِيًا، وَالْبَرْقُ يَكْبُو خَلْفَهُ إِذَا رَامَ بِهِ اللَّحَاقَ، جَمَعَ بَيْنَ أَشْتَاتِ الْعُلُومِ، وَسَهِرَ اللَّيَالِيَ بِشَهَادَةِ النُّجُومِ وَجَاء فِي مَجَالِسِ مُنَاظَرَاتِهِ بكلماتٍ مِنْهَا مَعَالِمُ لِلْهُدَى وَمَصَابِحُ تَجْلُو الدُّجَى، وَالأُخْرَيَاتُ رُجُومٌ.

<<  <   >  >>