وفي هذه الأيام انتقل قاضي الحنابلة نجم الدين بن مفلح من دار الحديث الأشرفية بالصالحية إلى المدينة، وسكن في بيت سودون، بحارة الأفتريس، شرقي المدرسة الركنية الشافعية، داخل باب الفراديس.
وفي ليلة الجمعة ثامن صفر منها نزل الحرامية من زقاق حارة الحمزاوية غربي حارة اللبانة، ومعهم سلم، إلى درا شيخنا المحيوي النعيمي، فأخذوا جهاز زوجته فاطمة بنت جمعة، ولم يفتحوا باباً، ولا قوة إلا بالله.
وفي ليلة السبت تاسعه دخل من البلاد الرومية إلى دمشق قاصد السلطان ماماي، خفية، ليلاً في محفة. وفيه شاع بدمشق موت قاضي الحنابلة بحلب التاذفي.
وفي يوم الجمعة خامس عشره سافر إلى مصر القاصد المذكور وخرج معه خلق كثير، منهم ثلاثة نواب للشافعي: الشهاب الحمصي، والفخر الحموي، والكمال بن خطيب حمام الورد، قاصداً للقاضي.
وفي يوم الجمعة ثاني عشريه بعد صلاتها، جلس القاضي الشافعي ببيت الخطابة، ودخل عليه جماعة يسألونه شيئاً يوفون به الدين الذي عليهم من جمال حجتهم، ولكسوتهم وجوعهم، لما أخذوا مع الركب، فأعطاهم مائة درهم؛ ثم حضر القاضي البرهاني بن المعتمد، فسأله لهم فوضع يده في جيبه وأطال ذلك، ثم أخرج لهم اثني عشر درهماً فوضعها في يدهم، فسألهم القاضي الشافعي: كم هي؟ فقالوا: هي اثنا عشر درهماً، فضحك بسبب ذلك غضباً عليه، ثم تهكم عليه فزادهم مثلها، ولا قوة إلا بالله.
وفي يوم السبت ثالث عشرينه فوض القاضي الشافعي نيابة الحكم بدمشق، لشيخنا محيي الدين النعيمي.
وفي يوم الاثنين تاسع ربيع الأول منها، لبس النائب خلعة الشتاء. وفيه ودع الخاصكي الذي كان أتى على حوطة نائب حماة.
وفي ليلة السبت ثالث عشر ربيع الآخر منها، قتل بميدان الحصى أحمد بن العواني المشهور بدمارة، الذي مات من سنين، وشمت الناس بقتله كما شمتوا بموت أبيه، ولا قوة إلا بالله.
وفي يوم الخميس ثاني جمادى الأولى منها، دخل من حلب إلى دمشق الأمير قرقماس التنمي، بالأمر الشريف حاجباً كبيراً لها، عوض يونس المتوفي، وتلقاه الناس على العادة إلى المصطبة، وقد شاع في الناس أنه رجل عاقل، اللهم اعط المسلمين خيره.
وفي بكرة يوم الاثنين ثالث عشره دخل من مصر إلى دمشق الأمير أركماس، الذي كان سبباً لنهب الحاج كما